24 رمضان المبارك 1437 - 30/06/2016
دليل على إثبات الحكم بقول فاطمة الزهراء في شأن فدك
- فاطمة الزهراء معصومة يجب القطع بقولها ويستغنى عن الشهود في دعواها ولو شهد عليها شهود بما يوجب إقامة الحد من الفعل المنافي للعصمة لكان الشهود مبطلين في شهادتهم ووجب على الأمة تكذيبهم وعلى السلطان عقوبتهم
- الفصول المختارة- الشيخ المفيد ص 88 :
فصل: ومن كلام الشيخ أدام الله: عزه في إثبات الحكم بقول فاطمة عليها السلام قال الشيخ أيده الله: قد ثبت عصمة فاطمة عليها السلام بإجماع الأمة على ذلك فتيا مطلقة، وإجماعهم على أنه لو شهد عليها شهود بما يوجب إقامة الحد من الفعل المنافي للعصمة لكان الشهود مبطلين في شهادتهم ووجب على الأمة تكذيبهم وعلى السلطان عقوبتهم فإن تعالى قد دل على ذلك بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ولا خلاف بين نقلة الآثار أن فاطمة عليها السلام كانت من أهل هذه الآية، وقد بينا فيما سلف أن ذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم ولإجماع الأمة أيضا على قول النبي صلى الله عليه وآله: "من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عزوجل".
فلولا أن فاطمة عليها السلام كانت معصومة من الخطأ، مبرأة من الزلل لجاز منها وقوع ما يجب أذهاب به بالأدب والعقوبة، ولو وجب ذلك لوجب أذاها، ولو جاز وجوب أذاها لجاز أذى رسول الله صلى الله عليه وآله والأذى لله عز وجل فلقا بطل ذلك دل على أنها عليها السلام كانت معصومة حسبما ذكرناه.
وإذا ثبت عصمة فاطمة عليها السلام وجب القطع بقولها واستغنت عن الشهود في دعواها لان المدعي إنما افتقر للشهود له لارتفاع العصمة عنه وجواز ادعائه الباطل فيستظهر بالشهود على قوله لئلا يطمع كثير من الناس في أموال غيرهم وجحد الحقوق الواجبة عليهم.
وإذا كانت العصمة مغنية عن الشهادة وجب القطع على قول فاطمة عليها السلام وعلى ظلم مانعها فدكا ومطالبها بالبينة عليها.
ويكشف عن صحة ما ذكرناه أن الشاهدين إنما يقبل قولهما على الظاهر مع جواز أن يكونا مبطلين كاذبين فيما شهدا به، وليس يصح الاستظهار على قول من قد أمن منه الكذب بقول من لا يؤمن عليه ذلك، كما لا يصح الاستظهار على قول المؤمن بقول الكافر وعلى قول العدل البر بقول الفاسق الفاجر ويدل أيضا على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله استشهد على قوله فشهد خزيمة بن ثابت في ناقة نازعه فيها منازع، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: من أين علمت يا خزيمة أن هذه الناقة لي؟ أشهدت شراي لها؟ فقال: لا ولكني علمت أنها لك من حيث علمت أنك رسول الله، فأجاز النبي صلى الله عليه وآله شهادته كشهادة رجلين وحكم بقوله، فلولا أن العصمة دليل الصدق (و) تغني عن الاستشهاد لما حكم النبي صلى الله عليه وآله بقول خزيمة بن ثابت وحده وصوبه في الشهادة له على ما لم يره ولم يحضره باستدلاله عليه بدليل نبوته وصدقه على الله سبحانه فيما أداه إلى بريته.
وإذا وجب قبول قول فاطمة عليها السلام بدلائل صدقها واستغنت عن الشهود لها، ثبت أن من منع حقها وأوجب الشهود على صحة قولها قد جار في حكمه وظلم في فعله وآذى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله بإيذانه لفاطمة عليها السلام، وقد قال الله جل جلاله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}.