b4b3b2b1
عمارة المرايا في بجنورد | مضيف الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) | عمارة سلطانية | قَزوين بين اصالة التاربخ | مقبرة الحكيم أبي القاسم الفردوسي في مدينة طوس | قبة العلويين | حدائق بابل المعلقة (الجنائن المعلقة) | 1000 مسألة في بلاد الغرب | الكفل درةٌ أثرية بين الاحتضار ورغبةً بالنهوض.. | نبذة تاريخية عن سامرَّاء العراق ومشْهَدَي العسكريَّين | مدينة الحضر(مدينة الشمس) | القنطرة البيضاء في كربلاء ماضي اصيل وحاضر مشرق |

نبذة تاريخية عن سامرَّاء العراق ومشْهَدَي العسكريَّين

4664

 

6 رجب 1437 - 14/04/2016

1 ـ تعريف :

هي من المدن العراقية القديمة والمقدَّسة ، تضُم تربتها الزكية الإمامين العسكريين (عليهما السلام) ، وفيها وُلِدَ الإمام الحجة المهدي صاحب الزمان ( عج ) ، وفيها اختفى مبتعداً عن جور خلفاء بني العبَّاس الذين اتخذوها عاصمة لهم . تزخر بالآثار العربية والإسلامية ، وكانت مركزاً مهمَّاً للعلوم والفنون الإسلامية ، ثمَّ هُجِرت .

2 ـ الموقع :

تقع المدينة على الضفة الشرقية لنهر دجلة ، وتبعد نحو 118 كم إلى الشمال من العاصمة بغداد . وتقع على خط طول 43 درجة و45 دقيقة ، وعلى خط عرض 34 درجة و35 دقيقة . يحدُّها من الشمال تكريت ، ومن الجنوب بغداد ، ومن الغرب الرمادي ، ومن الشمال الغربي الموصل ، ومن الجنوب الشرقي ديالى .

3 ـ التأسيس :

بُنيت مدينة سامرَّاء لتكون عاصمة الإمبراطورية العبَّاسية ، وكان المكان الذي شُيِّدت عليه المدينة مستوطناً منذ أقدم العصور ، وكان لسكَّانه نصيب من الحضارة تمتد إلى عصور سحيقة . ولمَّا انتقل المعتصم العباسي من بغداد إلى سامرَّاء ، راح يفتِّش عن موضع لبناء عاصمته الجديدة ، فلمَّا كان يتحرّى المواضع ، وصل إلى موضع يبعد عن بغداد 118 كم ، فوجد فيه ديراً للمسيحيين ، فأقام فيه ثلاثة أيام ليتأكَّد له ملائمة المحل ، فاستحسنه واستطاب هواءه ، واشترى أرض الدير بأربعة آلاف دينار ، وأخذ في سنة ( 221 هـ ) بتخطيط مدينته التي سُمِّيت ( سُرَّ مَن رأى) ، وعندما تمّ بناؤها انتقل مع قُوَّاده وعسكره إليها ، ولم يمضِ إلاَّ زمن قليل حتى قصدها الناس وشيَّدوا فيها مباني شاهقة ، وسُمِّيت بالعسكر والنسبة إليها عسكري ، واشتهرت بـ : سامرَّاء .

4 ـ التسمية :

أمَّا سبب تسميتها ، فيروي ياقوت أقوالاً في ذلك :

الأول : أنَّها كانت مدينة عتيقة تحمل إليها الإشارة التي كانت موظَّفة للفرس على الروم ، وقد استدل على ذلك من اسم المدينة ؛ لأنَّ ( سا ) اسم الإشارة ، و (مرَّة ) اسم العدد ، والمعنى أنَّه كان لقبض الجزية .

الثاني : أنَّها مدينة بناها سام بن بنوح ، أو أنَّها بُنيت له فنسبت إليه ، وقيل : سام رآه (1) .

وهناك مَن يُرجِّح أنّ اسم موضع ( سامرا ) مشتق من اسم مستوطِن قديم عرفه الآشوريون والبابليون باسم ( سومورم sumurim ) ، أو باسم ( سورمارتا ) ، وكان موضعاً مهماً في العهد الذي سبق الفتح العربي (2) .

ويقول أنستاس الكرملي : ( أمَّا اسم المدينة ، فليس من وضع المعتصم نفسه ، بل هو قديم في التاريخ ، فقد ذكره المؤرِّخ الروماني أميانوس مرسيلينوس الشهير الذي ولد سنة 320 م وتوفِّي سنة 390 بصورة : ( سومرا ـ sumera ) . ونوَّه به زوسميس المؤرِّخ اليوناني من أبناء المائة الخامسة للمسيح ، صاحب التاريخ الروماني ، بصورة : ( سوما ـ (3) souma ) ) .

وهناك رأي للدكتور مصطفى جواد قريب من هذا في تخريج اسم سامرّاء ، فيقول : ( سامرا اسم آرامي ، وهو في أصله مقصور كسائر الأسماء الآرامية بالعراق ، مثل : كربلا ، وعكبرا ، وحرورا ، وباعقوبا ) .

والذي يظهر من مختلف التوضيحات التي قُدِّمت عن أصل تسمية موضع سامرّاء بهذا الاسم ، أنَّ ذلك الأصل قديم يرجع إلى أيام الآشوريين والبابليين ، ومن الطبيعي أن يتعرَّض اللفظ للتحوير والتعديل بمرور الزمن وفي مختلف اللغات ، حتى استقر عند بناء المدينة في عهد المعتصم بالله إلى (سُرَّ مَن رأى) و(سامرّاء) .

5 ـ التوسعة والإعمار :

ـ قام هارون العباسي بحفر أول نهر في المدينة ، وشيَّد قصراً له سُمِّي باسمه ، وأراد أن يبني مدينة في منطقة القاطول ، لكنَّه لم يُتمَّها .

ـ في عهد المأمون العباسي ( 198 ـ 218 هـ ) بُنيت قرية المطيرة والتي كانت من منتزهات بغداد وسامرّاء .

ـ سنة 245 هـ بنى المتوكِّل العباسي مدينة المتوكِّلية ، وشيَّد المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة ( المَلْويَّة ) .

ـ ( بعد سنتي 254 هـ وسنة 260 هـ ) ولمَّا توفِّي الإمامان علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) ، اتُّخِذ مرقداهما مزاراً بنيت حولهما العمارات وأُنشئت الدور والمنازل العامة ، فحافظت المدينة على عمرانها إلى ما بعد انقراض الدولة العباسية .

ـ سنة ( 333 هـ ) وسَّع ناصر الدولة الحمداني المدينة وأحاطها بسور .

ـ سنة ( 1250 هـ ) عمّر الشيخ زين العابدين السلماسي سور المدينة ، وانفق على تعميره أحد ملوك الهند .

ـ سنة ( 1258 هـ ) أعاد الملك أمجد علي شاه بناء سور المدينة وتعميره بواسطة السيد إبراهيم بن السيد باقر القزويني .

ـ سنة ( 1294 هـ / 1878 م ) أيام الدولة العثمانية نُصب أول جسر على نهر دجلة يربط مدينة سامرَّاء بالضفة الأخرى له

ـ سنة ( 1299 هـ / 1881 م ) بُنيت أول مدرسة ابتدائية في مدينة سامرَّاء .

.

ـ قام الميرزا محمد حسن الشيرازي بعدة أعمال في المدينة ، وجعلها مركزاً علمياً مرموقاً ؛ إذ بنى مدرسة علمية كبيرة لا زالت باقية إلى اليوم .

ـ سنة ( 1375 هـ / 1955 م ) أمرت الحكومة بشق شارع يمتد من باب القاطول حتى باب الحضرة العسكرية ، بعد تهديم الباب المذكور ، وبنى صرحاً لها ودوراً للبلدية ومستشفى ومدرسة ودائرة للبرق والبريد .

ـ سنة ( 1952 م ) بوشر العمل بتنفيذ مشروع الثرثار الذي يعتبر من أهم المشاريع الإروائية في المدينة .

6 ـ المعالم :

كان يحيط بالمدينة سور مضلَّع على شكل يميل إلى الاستدارة ، يبلغ طول محيطه 2 كم ، ولا يتجاوز قطره 680 م ، مبني بالجص والآجر ، يصل ارتفاعه إلى 7 م ، وكان له 19 برجاً وأربعة أبواب ، هي : باب القاطول ، وباب الناصرية ، وباب الملطوش ، وباب بغداد . وظلّ هذا السور ماثلاً للعيان حتى سنة ( 1356 هـ / 1936 م ) .

وأكثر بيوت المدينة مبنية بالآجر ، وتنتشر في أرجائها الحدائق العامة والخاصة ، وفُتح فيها متحف وضعت فيه المخطوطات والمصوَّرات المهمة عن آثارها ، وفي مدخل المدينة يقع مشروع الثرثار الذي يقي بغداد من الغرق .

أحياؤها السَّكَنِيَّة : لقضاء سامرَّاء ثلاث نواح ، هي : تكريت ، بلد ، الدجيل ( مركز قرية سميكة ) .

أمَّا محلاَّتها ، فهي : محلَّة العابد ، ومحلَّة البوجول ، ومحلَّة البوبدري ، ومحلَّة البونيسان ، والمحلَّة الغربية ، ومحلَّة القاطول ، ومحلَّة القلعة ، والمحلَّة الشرقية .

شوارعها : شارع الخليج ، وشارع السريحة ( يعرف بشارع الأعظم ) ، وشارع الحير الأول ، وشارع أبي أحمد بن الرشيد ، وشارع برغمش التركي .

مساجدها : جامع سامرَّاء الكبير الذي شيَّده المعتصم عند بداية بناء المدينة سنة ( 221 هـ) ، وجامع القلعة ، ومسجد حسن باشا ، ومسجد حميد الحسون ، ومسجد سيد درويش ، ومسجد البورحمان ، ومسجد علي بن أبي طالب ( ع ) ، ومسجد الحاج صالح الرحماني ، ومسجد الأرقم ، ومسجد أولاد الحسن ( ع) ، وجامع الفاروق . ويعتبر جامع أبي دلف ومَلْويَّتُه ، والذي يبعد نحو 15 كم عن شمال المدينة ، من الآثار العباسية المهمة في المدينة .

مراقدها ومقاماتها :

ـ يُعتبر مشهد الإمامين علي الهادي ( ع ) والحسن العسكري ( ع ) أهم معالم مدينة سامرَّاء .

شبَّاك المحل الذي كان يتعبَّد فيه الإمام المهدي (عجَّل الله فَرَجه) ، في سرداب منزل أبويه العسكريين (عليهما السلام) في سامرَّاء ، ويتبرَّك الزوَّار بالصلاة لله فيها ، ويرجع تاريخ هذا الشبَّاك التاريخي النفيس إلى عهد الحاكم العباسي الناصر لدين الله في القرن الهجري السابع .

محراب الإمام المهدي (أرواحنا فداه) في سرداب الغيبة المقدَّس لتردُّد الإمام عليه في عصر غيبته (عجَّل الله فَرَجه)

قبّة ما يُعرف بسرداب الغيبة ، وكان هذا السرداب جزء من بيت الإمام العسكريين (عليهما السلام) في سامرَّاء . ولا صحة لِمَا يقوله بعض المغرضين من أنَّ الإمام المهدي (عليه السلام) دخل فيه وغاب . نعم ، يُستفاد من بعض الروايات أنَّه (عجَّل الله فَرَجه) كان يحضر فيه أحياناً ، وقد التقى فيه بعض المؤمنين ؛ ولذلك يستحب زيارته فيه (عليه السلام) .

ـ قبر السيدة نرجس زوج الإمام الحسن العسكري ( ت سنة260 هـ) ، وقبر السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد ( ع ) ( ت سنة 260 ه‎ـ) .

الضريح المقدَّس للسيدتين نرجس أم الإمام المهدي (عليه السلام) وحكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام) ، الملصق بالضريح المبارك للإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)

ـ مرقد السيد محمد بن الإمام علي الهادي ( ع ) ( ت سنة 252 هـ) .

مرقد السيد الجليل محمد بن الإمام الهادي (عليه السلام) في منطقة (بَلَد) قرب الدجيل القريبة من سامرَّاء ، وقد استشهد مسموماً بكيد العباسيين ؛ لأنَّهم ظنُّوا أنَّه الإمام بعد والده الهادي (عليه السلام) وله كرامات كثيرة مشهورة

ـ قبر أبي هاشم داود من ذرية عبد الله بن جعفر ( ت سنة 261 هـ) ، قبر الإمام محمد الدُّرِّي ، الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الكاظم ( ع ) ( ت سنة 300 هـ) ، قبر الشيخ محمد الجاجيري ( ت سنة 590 هـ) ، قبر الشيخ كمر بن هلال ( ت سنة 1200 هـ) ، مرقد بنات الكاظم ( ع ) في ناحية الدجيل ، مرقد بنات الحسن ( ع ) في منطقة الجلام ، مرقد آمنة بنت الإمام الحسن ( ع) ، مرقد إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي ( رض) ، قبر أحمد الدنبلي الخوئي ( سلطان خوي ) ( ت سنة 1200 هـ) ، قبر محمود الطهراني ( ت سنة 1304 هـ) ، قبر مهدي الشيرازي ( ت سنة 1308 هـ) ، مرقد إبراهيم النوري ( ت سنة 1320 هـ) ، قبر محسن الزنجاني ( ت سنة 1321 هـ) .

معالمها الأثرية : المئذنة الملوية ، والنافورة ، وقصر بلكوارا ( شيَّده المعتز سنة 247 هـ) ، وقصر العاشق والمعشوق ( شيَّده المعتمد العباسي سنة 264 هـ) ، وقصر المعتصم ( الجوسق الخاقاني) ، وقصر المختار ، والقصر الوزيري ، وقصر العروس ، والقصر الجعفري ، ومدينة المتوكِّلية ( على بعد 10 كم شمال مدينة سامرَّاء) ، وقصر الجص ، وبركة السباع ، والقبّة الصليبية ، ودار العامة ، وتلّ الصوان ، وسور سامرَّاء .

مدارسها : المدرسة العلمية الجعفرية ، والمدرسة العلمية السُّنية .

خزائنها ومكتباتها : خزانة محمد بن عبد الملك الزيَّات ، وخزانة الفتح بن خاقان ، والخزانة الكنْدية ، وخزانة علي بن يحيى المنجِّم ، ومكتبة العسكريين العامة ، ومكتبة الإمام محمد المهدي ، ومكتبة سامرَّاء العامة ، ومكتبة ابن بطوطة ، ومخطوطات المكتبة العسكرية العامة في مدرسة الإمام الشيرازي ( قدِّس سرُّه ) .

7 ـ من ذاكرة التاريخ :

ـ احتل الإيرانيون هذه المنطقة في القرون التالية لميلاد نبي الله عيسى ( ع ) ، واتخذوا من موقع سامرَّاء الحصين مركزاً استراتيجياً وعسكرياً أثناء قتالهم الروم ، وقد أقاموا فيها الحصن المعروف باسم حصن (سومير) ، الذي جاء ذكره مع تراجع الجيوش الرومية ، بعد مقتل جوليان سنة 363 م .

ـ جعل خمسة خلفاء عباسيين مدينة سامرَّاء عاصمة لهم ، هم : المنتصر ، والمستعين ، والمعتز ، والمهتدي ، والمعتمد ، بالإضافة إلى المعتصم والمتوكِّل ، وظلت مقراً للخلافة العباسية فترة تقرب من 58 عاماً ، تمتد من سنة ( 220 هـ ) إلى سنة ( 279 هـ ) .

ـ سنة ( 223 هـ ) وصل الأفشين ( القائد العسكري للمعتصم ) مدينة سامرَّاء ، ومعه بابك وأخوه أسيرين .

ـ سنة ( 247 هـ ) اغتيل المتوكِّل وتولَّى الحكم من بعده المنتصر ، فانتقل إلى سامرَّاء ، وأمر الناس جميعاً بالانتقال إلى الماحوزة ، وأن يهدموا المنازل ويحملوا النقض إلى سامرَّاء ، وخربت قصور الجعفري ومنازله ومساكنه وأسواقه .

ـ سنة ( 254 هـ ) توفِّي الإمام علي الهادي ( ع ) ودفن في داره .

ـ سنة ( 255 هـ ) ولد فيها الإمام الحجة المنتظر ( عج ) .

ـ بنى المتوكِّل لنفسه مدينة المتوكِّلية ، واتخذها موقعاً له ولأتباعه حتى كادت سامرَّاء تخلو من أهلها .

ـ سنة ( 260 هـ ) سُجنت سراري الإمام الحسن العسكري ( ع ) ، وفي السنة نفسها توفِّي (عليه السلام) ودفن إلى جوار أبيه .

ـ سنة ( 279 هـ ) ترك المعتمد المدينة ليتخذ من بغداد مستقراً له ، قبل ستة أشهر من وفاته سنة ( 279 هـ ) .

ـ بعد أن اتخذ الخلفاء العباسيون بغداد عاصمة لهم ، هُجرت مدينة سامرَّاء وأذن ذلك بخرابها .

ـ سنة ( 445 هـ ) وقعت حرب البساسيري والسلجوقيين في المدينة .

ـ سنة ( 1286 هـ / 1869 م ) أصدر الوالي مدحت باشا أمراً بجعل سامرَّاء قضاءً تابعاً إلى بغداد ، وكان أول قائم مقام لها هو علي بك .

ـ سنة ( 1292 هـ ) هاجر الميرزا محمد حسن الشيرازي من النجف إلى سامرَّاء ، وعاش فيها 21 عاماً ، وتوفّي فيها سنة 1312 هـ .

ـ سنة ( 1296 هـ / 1879 م ) هاجم الهماوند ( جماعة من الأكراد ) مدينة سامرَّاء ونهبوها .

ـ في سنة ( 1318 هـ ) حاولت الشركات البريطانية احتكار زراعة وبيع التنباك في إيران ، فتصدى الميرزا محمد حسن الشيرازي الذي كان في سامرَّاء لهذه المحاولة وأصدر فتواه الشهيرة بتحريم بيع التنباك ، ممَّا اضطر الشاه إلى إلغاء الامتيازات .

ـ سنة ( 1335 هـ / 1917 م ) احتل الإنجليز مدينة سامرَّاء إبَّان الحرب العالمية الأُولى .

ـ سنة ( 1335 هـ ) صعد بعض السرَّاق إلى مشهد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) ، وقلعوا 25 طابوقة مغلَّفة بالذهب من قُبَّة المشهد .

ـ سنة ( 1343 هـ / 1924 م ) حدث وباء الكوليرا في المدينة ، وكثرت الإصابات وارتفعت الوفيَّات ، وهرب أغلب الأهالي منها.

ـ سنة ( 1920 م ) امتدت ثورة العشرين إلى سامرَّاء وشارك أهلها فيها بجهود السيد محمد الصدر .

ـ سنة ( 1359 هـ / 1941 م ) ثارت ثائرة أهالي سامرَّاء ضد الاستعمار الإنجليزي ، عندما أخبرهم متصرِّف بغداد آنذاك بأنَّ الإنجليز يريدون احتلال محطَّة قطار سامرَّاء ، وقطع سكة الحديد في جنوب المدينة ، وذلك في عهد حكومة رشيد عالي الكيلاني في 23 / مايس / 1941 م .

ـ سنة 1976 م أُلحقت المدينة كمركز قضاء تابع لمحافظة صلاح الدين بعد أن كانت تابعة إلى بغداد .

الشخصيات المهمَّة : عاش وتوفِّي فيها الإمامان علي الهادي والحسن العسكري ( ع ) ، وأقام فيها الإمام السيد محمد حسن الشيرازي ( توفِّي سنة 1312 هـ ) .

ومن أعلام المدينة : إبراهيم بن محمد بن منصور بن موسى السامري ، وإبراهيم بن أبي العباس أبو المياس الراوية السامري ، وأحمد بن الحسن بن حسان السامري ، وأحمد بن السري بن سنان أبو بكر الأطروش ، ومحمد بن إدريس السامري ، ومحمد بن الحسن بن زيد السامري .

ومن علمائها : أحمد محمد أمين الراوي ، وأيوب توفيق الخطيب (4) .

* * *

تاريخ المشهدين الشريفين :

قسم من إيوان باب القبلة (المدخل الرئيس) لمرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام)

إنَّ الدار التي كان الإمام الهادي (ع) يسكنها مع عائلته في سامرَّاء اشتراها من دليل بن يعقوب النصراني ، وعاش فيها ودُفِن في وسط الدار ، ثمَّ دُفن بعض رجالات الأُسرة وسيِّداتها .

وحدثت حوادث في مدينة سامرَّاء في أيام المعتمد ، وهاجر الكثيرون من الناس ، فبعد أن كانت مدينة سامرَّاء من أكبر بلاد العالم وأجملها وأكثرها ازدهاراً ، فإذا بها انقلبت إلى مدينة مهجورة قلَّ ساكنوها وبقيت محلَّة العسكري مأهولة .

حينما حلَّت سنة 328هـ ، ولم يبقَ من مدينة سامرَّاء إلاَّ خان وبقَّال للمارَّة ، وسقطت سامرَّاء عن مركزيَّتها وفَقَدَت مجالسها وبهائها ، فتعيَّن بعض الناس في بغداد ليقوموا بسِدانة تلك الروضة ، فكان أولئك الأفراد يرافقون الزوّار إلى سامرَّاء ويرجعون معهم .

العمارة الثانية :

وقام ناصر الدولة الحمداني ـ وهو أخو سيف الدولة الحمداني ـ ببناء قُبَّة على القبرين الشريفين ، وجعل لسامرّاء سوراً ، وجعل على مرقد الإمامين ضريحين جلَّلهما بالستور ، وبنى دوراً حول دار الإمام وأسكنها جماعة .

العمارة الثالثة :

وفي سنة 337هـ قام معزّ الدولة البويهي بعمارة المشهد الشريف ، فإنَّه دخل سامرَّاء وأنفق أموالاً جليلة ، ورتَّب للروضة المباركة القوّام والحُجّاب وعيَّن لهم رواتب ، وعمَّر القُبَّة الشريفة .

العمارة الرابعة :

وفي سنة 368هـ قام عضد الدولة البويهي بعمارة المشهد المقدّس ، حيث بنى الروضة الشريفة بالأخشاب من الساج ووسَّع الصحن الشريف .

العمارة الخامسة :

وفي سنة 445هـ قام الأمير أرسلام البساسيري بعمارة المرقد ، وأمر بعمارة عالية على مرقد الإمامين ونصب ضريحاً من خشب الساج على المرقدين .

العمارة السادسة :

في سنة 495هـ جاء الملك بدكيروق السلجوقي ، فجدَّد أبواب الروضة من أغلى أنواع الخشب ، وبنى سوراً للروضة المقدَّسة ، وقام بترميم القُبَّة والرواق والصحن .

العمارة السابعة :

قام أحمد الناصر لدين الله العباسي في سنة 606هـ فعمّر القُبَّة والمآذن وزيَّن الروضة الشريفة .

العمارة الثامنة :

وفي سنة 640هـ قام المستنصر العباسي ابن الناصر لدين الله العباسي بعمارة المشهد الشريف ، وأمر بذلك السيد أحمد بن طاووس أن يتولَّى ذلك .

العمارة التاسعة :

وفي سنة 750هـ قام أبو أويس الجلايري بخدمات جليلة وآثار عظيمة في المشهد المقدَّس .

العمارة العاشرة :

وفي سنة 1106هـ وقع حريق آخر في الروضة المباركة ، فوصل الخبر إلى الشاه حسين الصفوي آخر ملوك الصفوية ، فأمر جماعة من العلماء والأعيان أن يرافقوا الصناديق والضريح إلى سامرَّاء ، وكان دخولهم يوماً مشهوداً . واسم الشاه حسين مكتوب على جبهة باب الضريح .

العمارة الحادية عشر :

وفي سنة 1200 قام الأمير أحمد خان الدنبلي ـ وهو من حكَّام آذربيجان ـ بعمارة الروضة ، وأمر بذلك الميرزا محمد رفيع الذي كان من أفاضل عصره ، وأمره بعمارة الروضة الشريفة والسرداب والرواق والإيوان والصحن على ترتيب بناء الإمام أمير المؤمنين (ع) في النجف الأشرف .

وأضاف صحناً آخر ورواقاً ينتهي إلى السرداب ، وبنى الروضة الشريفة بأجمل بناء وأحسن فن هندسي ، وهكذا الأبواب والصندوق ، وأضاف صندوقاً وضريحاً للسيدة نرجس ، وضريحاً وصندوقاً للسيدة حكيمة .

العمارة الثانية عشر :

وقُتل أحمد خان في نفس تلك السنة ، وقام ابنه حسين قلي خان وأكمل البناء .

العمارة الثالثة عشر :

وفي سنة 1282 قام الملك ناصر الدين شاه القاجاري بالتعمير والتجديد ، وحمل إلى الروضة أحسن أنواع الرُّخام الأخضر ورصَّعوا داخل الشباك ، وكذلك الروضة والرواق والصحن ، وقام بتهذيب القُبَّة المنوَّرة وترميم بعض جوانب الصحن .

والبناء الموجود حالياً صرْحٌ جميلٌ بهيجٌ يملأ القلوب انشراحاً ، ويشعر الزائرون بالروحانية والمهابة حينما ينظرون إليه من الخارج وإلى الداخل .

وفي كل مرة من مرات العمارة كان المشهد يزداد اتساعاً ويُضاف إليه إضافات حتى صارت مساحة الصحن الشريف حوالي ثلاثة عشر ألف متر ؛ لأنَّ طول الصحن 112 متراً ، وعرضه 108 متراً ، وارتفاع السور سبعة أمتار ، وهو مفروش بالرخام الأبيض ، والجدران مكسوَّة بالرخام الأبيض حوالي مترين ، والباقي مكسو بالقاشي ذي الألوان البديعة .

وتُعتبر روضة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) أوسع من جميع روضات الأئمة الطاهرين المدفونين في العراق .

منائر مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في سامرَّاء . وقد أدَّى إهمال النظام السابق وعراقيله إلى عدم اكتمال تذهيب المنارة الثانية ، يبلغ ارتفاع المنارتين 36 متراً

باب القبلة لمشهد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في سامرَّاء ، وقد زخرفت بالأسماء المقدّسة وزخارف الفن الإسلامي العريق ، وعليها ساعة الحرم العسكري ، ويذكر أنَّ أقدم ساعة شمسية في العالم بنيت في سامرَّاء

الضريح المقدَّس الذي كان مقاماً على مرقدي الإمام علي الهادي (عليه السلام) (توفِّي 254) والإمام الحسن العسكري (توفِّي 260) ، والسيدة نرجس والدة الإمام المهدي (عليه السلام) (توفِّيت 260هـ) ، والسيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام) التي حضرت ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) .

9 ـ تتمَّة :

جريمة تدمير ضريحي الإمامين الهادي والحسن العسكري ** :

جريمة جديدة أضافها تنظيم القاعدة الوهابي إلى لائحة جرائمه ، عندما أقدم على تفجير ضريح الإمام الهادي والإمام العسكري في مدينة سامرَّاء العراقية ، حيث قامت تلك الجماعات يوم الأربعاء 22 ـ 2 ـ 2006م باقتحام حرم الإمامين العسكريين ، بعد أن قيَّدوا شرطة حماية المرقد المكوّنة من خمسة أفراد ، ثمَّ زرعوا عبوتين ناسفتين تحت القُبَّة المباركة وقاموا بتفجيرها ، وقد وقع الهجوم عند الساعة 7 صباحاً بالتوقيت المحلِّي للمدينة المقدَّسة ، حيث تضرَّر جزء كبير من ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ، كما انهارت القُبَّة المغطَّاة بالذهب جرَّاء تفجير العبوتين بفارق ثلاث دقائق بينهما ، في حين لاذ المجرمون بالفرار .

وعلى الفور صدرت بيانات الإدانة والتنديد بنفس الصيغ والعبارات التقليدية التي تُحمِّل المسئُولية للاحتلال الأمريكي والصهاينة ، وهي إدانة لا تُبرئ المجرمين الأصليين ، بل تضيف إلى جريمتهم بُعداً إضافياً ، هو بُعد العمالة لهؤلاء وتنفيذ مخطَّطاتهم المعادية للإسلام والمسلمين .

فالوهابية في جهدها الرامي لتدمير أضرحة ومزارات أهل بيت النبوة والصالحين من عباد الله ، كانت ولا زالت تهدف إلى (تنظيف) ذاكرة المسلمين من تاريخ أهل بيت نبيهم ، ويكفي أن ننقل ما ذكره المؤرِّخ الروسي " أليكسي باسيلييف " في كتابه عن تاريخ الجزيرة العربية ، عندما قال : ( إنَّ الإخوان أزالوا في مكَّة الشاهد المقام عند موضع ولادة النبي ، وهدموا منزِلَيْ خديجة وأبي بكر . وأشار فيلبي ـ الذي حضر موسم الحج 1931 ـ إلى هدم كل الأضرحة والقباب في الحجاز ، وذكر أنّ ذلك سيجعل الأجيال القادمة تنسى الوقائع التاريخية المرتبطة بهذه الأماكن ) .

إنَّه الفكر التَّيْمَوي الذي أفتى بأنَّ ( المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم ، يتعيَّن إزالتها بهدم أو بغيره ، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين . وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه ، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب ؛ لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ، ولأحاديث أُخر ، وليس في هذه المسألة خلاف ) .

ثمَّ جاء ابن عبد الوهَّاب ليُضيف إلى مقولات ابن تيميَّة مقولة جديدة سبق بها الصليبي جون فيلبي ، وأكَّد بها على ذلك البغض والشنآن الذي ملأ قلوب الفريقين للنبي وأهل بيته ، عندما قال : ( لا تظنوا أنّ الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة ، بل هو عبادة للأصنام ) !! .

أمَّا زعم ابن تيميَّة أنّ ما يدلي به من أراجيف ليس فيه خلاف ـ في حين أنّه أُس الخلاف والاختلاف ـ فتلك قاصمة الدهر ، حيث يقول صاحب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " : وأمَّا مَن اتخذ مسجداً في جوار صالح ، أو صلَّى في مقبرة ، قاصداً به الاستظهار بروحه أو وصول أثر من آثار عبادته إليه ، لا التوجُّه نحوه والتعظيم له ، فلا حرج فيه ؛ ألا يرى أنّ مرقد إسماعيل في الحجر في المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل .

ما تبقى من إحدى المئذنتين

* * *

البدء بعميلة الإعمار للمرقدين الشريفين :

بدأت مؤخَّراً ـ وبعد طول انتظار ـ عملية إعادة بناء المرقدين الشريفين ، ونسأل الله أن تتمّ هذه العملية بأسرع وقتٍ ممكن ؛ ليتسنَّى للمحبِّين والمؤمنين زيارة هذين المرقدين الطاهرين ، والدعاء إلى الله من تحت القُبَّة الشريفة

ـــــــــــــــــــــــــ

* تمّ إعداد المقالة في شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ، علماً أنّه قد تمّ الاستعانة بالمعلومات الواردة بالمواقع التالية : " سُر مَن رأى .. التاريخ والحضارة " ، " شبكة السادة المباركة " ، " ويكيبيديا الموسوعة الحرة " . أمَّا الصور ، فقد تمّ اقتباس بعضها من عدة مواقع ، أهمُّها : " موقع العتبة الحسينية " .

1 ـ موسوعة العتبات المقدَّسة ، المدخل وج 12 ، ط 2 ، بيروت ، سنة 1987م .

2 ـ السامرائي ، يونس الشيخ إبراهيم ، تاريخ مدينة سامرَّاء ، ج 2 ، ط1 ، بغداد ، سنة 1971م ، ص 146 .

3 ـ العميد ، د. طاهر مظفر ، العمارة العباسية في سامرَّاء ، ط1 ، بغداد ، سنة 1976م .

4 ـ الحسني ، السيد عبد الرزاق ، العراق قديماً وحديثاً ، ط7 ، بغداد ، سنة 1982م ، ص109 .

** هذه التتمَّة مستفادة من مقال للدكتور أحمد راسم النفيس ، منشور في جريدة النبأ ، العدد 81 .