b4b3b2b1
مشهد المشرّفة | الكوفة ومسجدها الأعظم.. ماضياً وحاضراً | عمارة المرايا في بجنورد | مومياوات رجال الملح | بعض من معالم كربلاء الاثرية | تل الزينبية: مَعلَم يتحدث عن قدسيته | مضيف الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) | مدينة كركوك بحر لاينضب من الخيرات الطبيعية | طاق الزعفراني في كربلاء.. تراث وذكريات | دراسة مقارنة لعمارة الحضارة الإسلامية مع الغربية | كربلاء: سوق الصفارين بين ماضٍ مجيد وحاضر مرير | مدينة سامرّاء |

قَزوين بين اصالة التاربخ

3891

 

6 رجب 1433 - 28/05/2012

بالفتح ثم السكون وكسر الواو وياء مثناة من تحت ساكنة ونون: اسم كجُوَين وكشوين وكسبين التي عرفت بقزوين بعد الفتح الإسلامي، وهي من أشهر مدن إيران.

تبعد عن العاصمة طهران 140 كيلو متراً وتقع في غربها، ويحدّها من جهة الشمال الغربي والغرب محافظة زَنجان، ومن جهة الشرق والجنوب مقاطعات العاصمة طهران، ومن جهة الشمال الشرقي محافظة گيلان ومازندران، ومن جهة الجنوب الغربي محافظة هَمَذان. وتقع قزوين على الخط الجغرافي على 45 درجة و 35 دقيقة طولاً و 34 درجة و 31 دقيقة عرضاً، وترتفع عن سطح البحر 1298 متراً. وحسب إحصائية عام 1987 بلغ عدد نفوس قزوين 000, 397 نسمة.

ازدادت أهمية قزوين قديماً وحديثاً بسبب موقعها، حيث تربط طريق تبريز وتركية وأوروبا والاتحاد السوفيتي السابق، وطريق همذان وكرمانشاه ثمّ العراق، واتصالها بالعاصمة طهران. وهي تقع في حاشية سلسلة جبال ( ألبُرْز ) وجنوب مناطق طالقان وألَموت والدَّيلم وغيرها من قلاع الإسماعيلية، وقُلّة ( سَبالان ) حيث ترتفع عن سطح البحر 400, 4 متر.

في أغوار التاريخ

يعود بناء مدينة قزوين إلى العصر الساساني، أسسها ( شاپور ذو الأكتاف ) تاسع ملوك الساسانيين، ويقال شاپور الأول ثاني ملوك الساسانيين كمعسكر، لموقعها الخطير. وفُتِحَت على يد البَراء بن عازِب في سنة اثنتين وعشرين للهجرة، ويقال سنة 24. قال ابن الأثير في حوادث سنة 22: ( ... ثم غزا قزوين فلما بلغ أهلَها الخبر أرسلوا إلى الديلم يطلبون النصرة فوعدوهم، ووصل المسلمون إليهم فخرجوا لقتالهم والديلم وقوف على الجبل لا يمدّون يداً، فلما رأى أهل قزوين ذلك طلبوا الصلح على صلح أبهر، وقال بعض المسلمين:

قـد علم الـديلم إذ تُحـاربْ حين أتى في جيشه ابن عازبْ

بأنّ ظنّ المـشـركين كـاذبْ فكم قطعنا في دُجى الغَيـاهبْ

وغزا البراءُ الديلمَ حتى أدَّوا إليه الإتاوة... ) (1). ولم تُفتح بلاد الديلم التي تقع شمال غرب مدينة قزوين ـ وهي منطقة جبلية امتداد لجبال البُرز الوعرة وأخفقت جميع المحاولات العسكرية ـ حتى العصر العباسي، غير أن الإسلام استطاع أن يدخل بلاد الديلم بصورة سلمية بدعوة أحفاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام الذين أمَّوها وسادوا فيها. وكانت هذه النواحي أحد حصون الشيعة في إيران من أوائل الأمر، وظل رجالها من أقطاب المعارضة وناهضوا الحكم الأموي والعباسي حتّى النهاية. وإن قسماً من فرسان الديلم الذين اعتنقوا الإسلام هاجروا إلى الكوفة والمدينة، وكلهم كانوا موالين لأهل البيت عليهم السّلام ويُعرَفون ببني الحمراء، ونبغ منهم علماء ومحدّثون لهم آثار باقية حتّى اليوم في الكوفة.

وأول قبيلة عربية سكنت قزوين هي بنو تَغلِب، وكان عدد رجالها خمسمائة رجل، وبينهم طليحة بن خويلد الأسدي وميسرة العائدي، وأخذوا يعملون في الحقل الزراعي.

بنو الحمراء

أجمع المؤرخون أن قبيلة بني الحمراء من القبائل الفارسية كانت تحمل عاطفة شيعية منذ أن دخلوا في الإسلام، وذلك أنهم تحالفوا بعد معركة القادسية مع بني عبدالقيس سنة 16 للهجرة، وبما أن عبدالقيس كانوا من الشيعة فصار حلفاؤهم مثلهم. وهم أربعة آلاف فارس من القزاونة، ومعظمهم من الديالمة، وقد لعبوا دوراً ثقافياً أساسياً في الكوفة (2).

كان بنو الحمراء من القزاونة وأكثرهم من بلاد الديلم ونواحيها. وازداد عدد رجال بني الحمراء في عصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام بشكل ملحوظ، وكانوا من المقربين إلى الإمام عليه السّلام حتّى أن الأشعث بن قيس اعترض على الإمام عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، لقد غَلَبَتنا هذه الحمراءُ على قُربك!

ومن آثار بني الحمراء في الكوفة: مسجد الحمراء الذي لا يزال قائماً حتّى الآن وذكره المستشرق ماسينيون في كتابه خطط الكوفة، قال: « مسجد الحمراء الذي كان فيه بستان، وهذه القبيلة الإيرانية كانت تحمل شعوراً وعاطفة شيعية منذ أن دخلوا في الإسلام » (3).

يقع هذا المسجد جنوب الفرات على ضفّة شط الكوفة، واندثر بناؤه على أثر الفيضانات وغمرته المياه، ثمّ جُدّد بناؤه على انقاض بناء القديم في سنة 1312 هجرية. وقد أرخ تجديد بنائه السيّد جعفر الحلي بأبيات من الشعر، ونُقش هذا التاريخ على القاشاني المثبت في أعلى باب المسجد الشمالية الوحيدة بقوله:

الحمد لله الـذي مـن فضـله أحيـا جميلَ مآثـر القـدماءِ

قد جُدّدت آثـار مسجد يونسٍ بأجل تأسـيسٍ وخيـر بنـاءِ

يا طالبَ الأعمال قـد أرّختُه: ( إعمَلْ فهذا مسجدُ الحمراءِ )

وفي سنة 1342 هجرية شُيّدت للمسجد منارة، وأرّخ الانتهاء منها الحاج مجيد الحلي العطار بأبيات كُتبت على القاشاني المثبت على الطرف الغربي من المنارة، منها:

رفعوا للأذانِ في مسجد الحَمْرا منـاراً على سُـهى يسـتطيلُ

وعليـه النـداء أن أرخّـوهُ: ( فالنـداء التكبيرُ والتهـليلُ )

أشهر الأُسر العلمية في قزوين

1) آل الجعفري: من أقدم الأسر العلمية العريقة. لجؤوا إلى قزوين من بطش بني أمية ثم انتهت إليهم إمارة قزوين وضواحيها. وهم من سلالة جعفر بن أبي طالب، ومنهم أبو الحسن محمد القزويني بن أحمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، وشقيقه أبو القاسم علي. انتهت إليهم إمارة قزوين. ذكرهم الرافعي المتوفّى سنة 623 هجرية في كتابه « التدوين في ذكر أخبار أهل العلم بقزوين »، واستدرك عليه آقا رضي القزويني بجمع من أمراء وأعلام هذا البيت الجليل في « ضيافة الإخوان ». ومن زعماء هذا البيت أبو علي فخر المعالي شَرَفْشاه المتوفّى سنة 484 هجرية، وبوفاته خرجت حكومة قزوين من أيديهم. ومنهم عبدالله بن أحمد بن حمزة القزويني آل الجعفري شيخ الطالبية في عصره ومن أكابر علماء الشيعة.

2) آل الزَّينبي: من مشاهير الأسر العلمية في قزوين، نبغ منها زعماء وأمراء وعلماء أعلام. وهم فرع من آل الجعفري المار الذكر. اشتهروا بنسبتهم إلى زينب الكبرى عليها السّلام، وهم من ذرية عبدالله بن جعفر بن أبي طالب من زوجته زينب الكبرى عليها السّلام. ومنهم شريف أبوالمعالي محمد الزينبي القزويني، انتهت النقابة إليه بعد أبيه. ذكرهم آقاي رضي القزويني في « ضيافة الإخوان » ص 258 و 259.

3) آل حاتم القزويني: من أقدم الأسر العلمية القزوينية، بزغ بدرها في أفق قزوين في أواخر القرن الثاني للهجرة، نبغ منها أكابر المحدّثين وجمعٌ من الأصحاب، منهم أبو الحسن أحمد بن حاتم بن ماهويه القزويني من ثقاة المحدّثين، وسعيد بن حاتم بن ماهويه القزويني من أصحاب الإمام الرضا عليه السّلام، وفارس بن حاتم القزويني من أصحاب الإمام علي الهادي عليه السّلام وغيرهم. ذكرهم الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة ج 4 ص 355 و ج 6 ص 396، والأردبيلي الحائري في جامع الرواة.

4) آل أبي غانم: من أقدم الأُسر العلمية الشيعية في قزوين، ثم نزحوا إلى سامراء وبغداد وانتشروا هناك وطار صيتهم. وهم من ذرية أبي غانم القزويني المتوفّى بعد سنة 260 للهجرة خادم الإمام أبي محمد الحسن بن علي الهادي العسكري عليه السّلام. وهو والد عبدالله ابن أبي غانم من أعلام أوائل عصر الغيبة الصغرى، وجدّ محمد بن عبدالله بن أبي غانم القزويني من مشايخ الصدوق. ذكرهم آقا رضي القزويني المتوفّى سنة 1096 هجرية في « ضيافة الإخوان » ص 66 و 234 و 308.

5) آل بُوَيه: من أشهر الأسر الحاكمة الشيعية في العالم الإسلامي. شاع ضوء هذه الأسرة وطار صيتها منذ عماد الدولة علي بن بويه الديلمي، وهم من بلاد الديلم من ضواحي قزوين.

6) آل الحمداني: من أعرق الأسر العلمية الشيعية الشهيرة، بزغ نجمها في أفق قزوين منذ القرن الثالث للهجرة. نبغ فيها جمع من أساطين الدين ومشاهير المحدّثين. ترجع بنسبتها إلى حمدان بن محمد القزويني، منهم أحمد بن حمدان القزويني المتوفّى بعد سنة 342 هجرية، من ثقاة المحدثين. ذكره الأردبيلي الحائري في « جامع الرواة » ج 1 ص 49. ومنهم مظفر بن علي بن حسين بن علي ابن أبو حمدان القزويني، ومنهم محيي الدين أبو عبدالله حسين المتوفّى سنة 498 صاحب هتك الأسرار الباطنية، ومنهم ناصر الدين أبو إسماعيل محمد بن حمدان بن محمد القزويني المتوفّى سنة 500 هجرية صاحب كتاب الفصول في ذمّ الأعداء في الأصول. ومنهم برهان الدين أبو الحرث محمد بن أبي الخير علي بن أبي سليمان ظفر بن علي القزويني صاحب مفتاح التفسير ودلائل القرآن، وغيرهم.

7) آل صاحب النَّقْض: من مشاهير الأسر العلمية القزوينية العريقة، اشتهرت بعنوان ( كتاب النَّقْص ) الذي صار عَلَماً لها. وشَعّ ضوء هذا البيت الجليل في قزوين منذ القرن السادس للهجرة، وهم من ذرية أبي الحسين بن أبي الفضل القزويني. نبغ علماء أعلام من هذه الأسرة منهم أوحد الدين حسين بن أبي الحسين بن أبي الفضل القزويني شيخ متكلمي الشيعة في عصره، وهو شقيق صاحب كتاب النقض. ومنهم أبو الرشيد نصير الدين عبدالجليل بن أبي الحسين القزويني متكلم الشيعة في القرن السادس للهجرة، له مؤلفات كثيرة أشهرها ( بعض مثالب النواصب في نقض فضايح الروافض ) المعروف بـ ( النقض ). ومنهم الشيخ قطب الدين محمد بن حسين أبي الحسين القزويني من أكابر العلماء. ذكرهم آقا رضي القزويني في « ضيافة الإخوان » 150 و 152 و 225.

8) آل العِجلي: من أشهر البيوت العلمية الشيعية في قزوين، نبغ منها علماء وأدباء كبار وزعماء مشاهير. نزحوا إلى الكوفة والحلة وتفرعوا إلى فروع وبطون جديدة. انتهت إليهم الزعامة الروحية في قزوين قروناً عديدة. ذكرهم منتجب الدين في « الفهرست » والرافعي المتوفّى سنة 623 في « التدوين ». منهم أبو الخير عاصم بن حسين بن محمد بن أحمد بن أبي حجر القزويني من شعراء أهل البيت عليهم السّلام، وصفه الرافعي بأنه من زعماء الأسرة. له كتاب « شجون الحكايات ». ومنهم ابن إدريس المتوفّى سنة 598 صاحب كتاب « السرائر » في الحلة.

9) آل أبي اللجيم: فرع من آل العِجلي وهم من ذرية أبي اللجيم بن الأمير القزويني المصدري العجلي، من الأسر العلمية القزوينية. كانوا من البيوت المناهضة للإسماعيلية النزارية، ولهم مناظرات معهم. من أعلام هذا البيت الشيخ خليفة بن أبي اللجيم، اغتيل على يد الإسماعيلية في قزوين. ومنهم الشيخ زين الدين محمد بن الشيخ معين الدين أبو جعفر، اغتيل على يد الإسماعيلية حدود سنة 600 للهجرة في قزوين، له كتاب المجالس.

10) آل الطالقاني: من أقدم الأُسر العلميّة في قزوين، وهم بقايا آل بُوَيه من ذريّة عضد الدولة أبي شجاع فنّا خُسرو بن ركن الدولة أبي علي حسن بن بويه الديلمي.

من أشهر رجال هذه الأسرة في القرن الحادي عشر في قزوين: الشيخ محمد كاظم الطالقاني المتوفّى سنة 1094، زعيم الحوزة العلمية في قزوين ومؤسس مدرسة النواب بها. ذكره الحر العاملي في « أمل الأمل » ج 2 ص 295. ومن أولاده أرشدهم الخاجة نواب وهو أبوأسرة آل النحوي في النجف الأشرف والحلة. وثاني أولاده الشيخ محمد مؤمن أبو أسرة آل النحوي في قزوين. وثالثهم الشيخ محمد جعفر الطالقاني أبو أسرة آل البرغاني في كربلاء وقزوين. نبغ من هذه الفروع الثلاثة أدباء وشعراء وعلماء يطول ذكرهم.

11) آل البرغاني: من أقدم الأسر العلمية الشيعية العريقة، ساهموا في الحياة الفكرية ورفدوا نهضة قزوين العلمية وخدموا العلم والدين. وهم فرع من آل الطالقاني، ولهم آثار ومآثر في قزوين ومواقف تاريخية. ومن أشهر رجال هذه الأسرة الإخوان الثلاثة الشيخ محمد تقي البرغاني المعروف بالشهيد المستشهد في سنة 1263، والشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري المتوفّى سنة 1271، والشيخ ملا علي البرغاني القزويني المتوفّى سنة 1269. وتتفرع هذه الأسرة اليوم إلى ثلاثة فروع وهم: آل الصالحي، وآل الشهيدي، وآل العلوي. ونبغ منها علماء أعلام في كل من كربلاء وقزوين.

12) آل القزويني: من أشهر الأسر العلمية الشيعية، وهم من السادات الحسينيين من ذرية أمير الحاج السيد مير قاسم بن السيد مير محمد باقر القزويني الحسيني الذي خلّف أربعة ذكور، وهم: السيد مير محمد القزويني جدّ سادات آل القزويني في النجف الأشرف، والسيد مير حسين القزويني جدّ سادات آل القزويني في الحلة والهندية، والسيد مير مصطفى جدّ سادات آل القزويني في المشهد بخراسان، والسيد مير محمد رضا جد سادات القزاونة في قزوين الذين يُعرفون بآل التَّقَوي. ونبغ من هذه الفروع الأربعة في كل من إيران والعراق علماء وشعراء وأدباء، ولا يزالون يُعرفون باسم موطنهم الأصلي قزوين.

المزارات في قزوين

كانت مدينة قزوين والجبال الواقعة شمال المدينة أحدَ حصون الشيعة في العصر الأموي والعباسي، مما سهّل للعلويين النزوح إلى هذه المناطق الآمنة. وبقيت قبورهم حتى اليوم أحد مراكز تجمع الشيعة في مناسبات دينية مختلفة. وسنذكر بإيجاز بعض هذه المزارات في قزوين:

1) روضة الشاه زاده حسين: هذه الروضة من أهم المزارات في قزوين، وهي محل دفن جثمان الحسين ابن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام.على رواية، فقد قيل: إن الإمام الرضا عليه السّلام حينما جاء من الحجاز متوجهاً إلى خراسان نزل في قزوين بدار داود بن سليمان الغازي، فتُوفّي ولده الحسين البالغ من العمر سنتين في قزوين ودفن في موقعه المعروف حالياً، وبنيت عليه قبة، وأحيط القبر بحرم وأروقة.

العمارة الثانية

شيد إسماعيل بن عبّاد وزير فخر الدولة البويهي في سنة 373 هجرية قبّة ذات حرم ويحيط بها أروقة عند إقامته في قزوين. وأقدم مصدر يبحث عن هذه الروضة هو كتاب « تاريخ قزوين وفضائلها » تأليف الحافظ أبي يعلى خليل بن عبدالله بن أحمد القزويني المتوفّى سنة 446، ولم نجد لهذا الكتاب أثراً في المكتبات العامة والخاصة التي فحصنا فيها عنه، إلا أنه نقل عن هذا الكتاب الرافعي المتوفّى سنة 623 في كتابه « التدوين ».

وأشار إلى هذه الروضة أيضاً الشيخ عبدالجليل الرازي القزويني في كتابه « النقض » الذي ألفه في سنة 560، كما ذكر هذه الروضة أكثر المؤرخين.

العمارة الثالثة

جرت تعميرات وإصلاحات مستمرة، وأُهديت هدايا إلى الروضة في قزوين خلال القرون الماضية يطول شرحها. ومن الاصلاحات في أوائل القرن التاسع: تشييد قسم من الصحن بواسطة حسن بن عماد بن جوانمرد المعروف بفخر الزَّرَندي، وإهداء صندوق نفيس وُضع على القبر.كما تمت تعميرات واسعة من قبل أمراء وملوك الديلم، منهم كيا ملك بن كيا إسماعيل بن كيا إيران شاه الديلمي. وفي سنة 898 هجرية زار الروضة الميرزا علي كيا من أمراء الديلم وقام ببعض الإصلاحات. وأهم الإصلاحات تمّ في العصر الصفوي وذلك في سنة 1040 هجرية، حيث شَيّدت زينب بيگم بنت الشاه طهماسب معظم العمارة القائمة حالياً.وهذه العمارة هي عبارة عن الضريح وما أحاط به من الحرم، ثم رواقين في الضلع الشرقي والضلع الغربي، وإيوان كبير في شمال الحرم الملاصق للروضة، وإيوان صغير في الجنوب، وقبة ضخمة مطليّة بالقاشاني المعرّق النفيس، وكذلك الجدران داخل الحرم في الأسفل إلى حدود متر ونصف هي من القاشاني. ثم تليه المرايا على الأشكال الهندسية البديعة الصنع. وفي وسط الحرم القبر وعليه صندوق قديم، وأجريت عليه تعميرات وتزيينات سنة 967 على يد علاء الدين محمد النجار الرازي، وكتب في الصندوق بخط نسخ جميل: (هذا المشهد المنوّر والمرقد المطهّر لثمرة شجرة الإمامة عبدالله الحسين ابن الإمام حجة المرتضى علي الرضا بن الإمام أمين العالم والإمام الكاظم موسى ابن السيد الناطق والإمام الصادق جعفر بن العارف العالم الزاهر والإمام الباقر بن الإمام زين العابدين وقرة عين الزاهدين علي بن الإمام سيد الشهداء أول فصل الأصفياء الحسين بن الإمام أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغُرّ المحجّلين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، وقد قضى نحبه بقزوين في شعبان سنة إحدى ومئتين 201 من تاريخ هجرة جده سيد الثقلين صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ).

العمارة الرابعة

شُيّدت عمارة الروضة الحالية بعدما أصابها الخراب والدمار وتضعضعت جدران الحرم، على يد الشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري المتوفّى سنة 1271، فقام بتجديد وتوسيع الحرم وأضاف إليه رواقين إلى الشرق وإلى الغرب، وصحناً كبيراً تحيط به حجرات مزيّنة بالقاشاني البديع الصنع، وهي اليوم من آيات الفن المعماري للعصر القاجاري.

2) روضة آمنة خاتون: محل دفن جثمان السيدة آمنة بنت الإمام موسى الكاظم عليه السّلام. يقع في وسط محلة ( بنبه ريسه )، له حرم كبير وقبة مخروطية الشكل فوق القبر.

3) روضة إمام زاده إسماعيل: محل دفن السيد إسماعيل الذي ينتهي نسبه إلى الإمام جعفر الصادق. والبناء من آثار العصر الصفوي، ويحيط بالضريح حرم، وله صحن كبير وقبة مزينة بالقاشاني البديع الصنع.

4) روضة إمام زاده علي: محل دفن السيد علي الذي ينتهي نسبه إلى الإمام جعفر الصادق عليه السّلام. يقع في محلة ( بنبه ريسه )، والعمارة من آثار عصر الشاه حسين الصفوي، ولها قبة وحرم.

5) روضة إمام زاده السيد محمد، ويقال سلطان السيد محمد وهو الأشهر:محل دفن السيد محمد من أحفاد الإمام جعفر الصادق عليه السّلام. يقع في محلة الآخوند، ويحيط به حرم، وله صحن وقبة كبيرة مزيّنة بالقاشاني. وقد أُجري عليه تعميرات واسعة أخيراً من قبل الشيخ ميرزا عبدالله الشهيدي، ودفن بها الشيخ عبدالحسين إمام الجمعة الشهيدي.

6) روضة حليمة خاتون: محل دفن السيدة حليمة خاتون التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام. تقع في محلة ( زركره كوجه)، ويحيط بالضريح حرم، والبناء من العصر الصفوي، وقد أجري عليه تعميرات واسعة أخيراً.

7) روضة شهر بانو: محل دفن السيدة شهر بانو التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى بن جعفر عليهما السّلام. يقع في زقاق ( چَمَن آباد ) جنوب شرق مدينة قزوين.

8) روضة إمام زاده قاسم: يقع في محلة تنور سازان.

9) روضة بيغمبرية: محل دفن أربعة من أنبياء بني إسرائيل الذين أنقذهم كورش من البابليين وسكنوا قزوين وتُوفّوا بها ودُفنوا في هذه الروضة. تقع في شارع بيغمبرية وسط مدينة قزوين المجاورة لقصور الصفوية.

10) روضة الشهيد البرغاني: مدفن الشيخ محمد تقي البرغاني المعروف بالشهيد المستشهد سنة 1263 هجرية. يقع شمال روضة شاه زاده حسين، له قبة صغيرة وحرم. وفي الضلع الغربي منه جامع كبير يفتح بابه داخل الحرم ومطليّ الجدران بالقاشاني، وهو من آثار العصر القاجاري.

المدارس العلمية في قزوين

هناك مدارس علمية كثيرة جاءت أسماؤها في كتب التاريخ ليس لها اليوم أثر، فلا نذكرها، وانما نذكر المدارس الدينية المعمورة والقائمة، أو لها أثر في الوقت الحاضر.

1) مدرسة الصاحب بن عَبّاد وزير فخر الدولة الديلمي، أسّسها في سنة 373 هـ أثناء إقامته في قزوين. وهي واقعة جنب المسجد الجامع الكبير عند مدخل الباب الشرقي المطلّ على شارع سِبَه، وباقٍ منها بعض الحجرات.

2) مدرسة خليفة سلطان: أسّسها السيد علاء الدين حسين صهر الشاه عباس الصفوي، وكان من كبار رجال البلاط الصفوي، توفي سنة 1064. وكانت هذه المدرسة من أهم المدارس في العصر الصفوي بقزوين.

3) مدرسة النَوّاب: أسسها الشيخ محمد كاظم الطالقاني المتوفّى سنة 1094 من أعاظم علماء الشيعة. ذكره الحر العاملي في « أمل الآمل » ج 2 ص 295. تقع هذه المدرسة حالياً في شارع بيغميرية، وقام بتجديدها في العصر الجمهوري جمع من أهل الخير، وسُمّيت بمدرسة الإمام الصادق. وهي اليوم من أحدث المدارس الدينية بقزوين، ومؤسسها المولى محمد كاظم الطالقاني أبو أسرة آل البرغاني.

4) مدرسة التِفاتية: أسّسها آغا التِفات القزويني من أعلام القرن الحادي عشر. تمّ بناءها حدود سنة 1050 هجرية، وتقع في الشارع الرئيسي قرب ساحة سعادت.

5) مدرسة بيغميرية: أسسها سارو تقي وزير الشاه عباس الثاني الصفوي سنة 1054 هجرية، وتقع شرق شارع بيغميرية وشمال روضة بيغميرية، متصلة بالقصور الملكية الصفوية.

6) مدرسة مولا ويردي خان: أسسها مولا ويردي خان من أمراء طائفة ذو القدر سنة 1177 هجرية، تقع في شارع مولوي.

7) مدرسة الآخوند: أسسه الأخوند ملا خليلا القزويني المتوفى سنة 1089 هجرية الإخباري، وكانت إحد مراكز الإخبارية في قزوين. وتقع في محلة الأخوند نسبة إلى اسمه. ثمّ خربت هذه المدرسة وفيها قبر الأخوند ملا خليلا مؤسس المدرسة.

8) المدرسة الحيدرية: من أقدم مدارس قزوين، تعود إلى القرن الخامس للهجرة، وحوّلت اليوم إلى مدرسة إعدادية للبنين، وتقع في محلة البلاغي.

9) المدرسة الصالحية: أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري المتوفّى سنة 1271 هجرية. أجمع المؤرخون أنها كانت أكبر مدرسة في إيران، وتتشكل من ثلاث مدارس: المدرسة الصغرى والمدرسة الوسطى والمدرسة الكبرى، وتتصل كل واحدة بالأخرى في ثلاثة طوابق ضخمة. وقد تم إنجاز المدرسة الصغرى والوسطى قبل سنة 1228 هجرية،وكان بناء آخر قسم من المدرسة الكبرى والمكتبة ومخزن للمياه في سنة 1248 هجرية كما ذكر في كتاب « الغرر والدرر » وما كتب في أعلى المدرسة. ومن أشهر تلاميذ هذه المدرسة: السيد جمال الدين الأسد آبادي المعروف بالأفغاني، وميرزا كوچك خان الجنگلي، ونسيم الشمال، ممن كان لهم دور خطير في النهضة الفكرية في القرن الأخير، وتقع المدرسة حالياً في شارع المولوي.

10) مدرسة الشيخ محمد تقي البرغاني المعروف بالشهيد الثالث، ويقال لها مدرسة الشهيد الثالث: أسسها الشهيد الثالث المستشهد على يد البابيّة في سنة 1263 هجرية، تقع شرق شارع المولوي.

11) مدرسة سَرْدار: أسسها الأخَوان حسين خان وحسن خان السردار من أمراء الجيش في العصر القاجاري. تم إنجاز بنائها سنة 1231، وجميع جدران المدرسة مزيّنة بالقاشاني الفاخر.

12) المدرسة المسعودية، ويقال لها مدرسة شيخ الإسلام: أسسها ميرزا مسعود بن ميرزا مفيد شيخ الإسلام، وساهمت في إنجاز مشروعها أم ميرزا مسعود العالمة الفاضلة خديجة سلطان بنت الشيخ محمد صالح البرغاني من مالها الخاص، وتم إنجازها في آخر القرن الثالث عشر.

13) مدرسة آغا: أسسها المولى السيد تقي بن السيد مير مؤمن بن السيد مير رضا القزويني الحسيني المتوفّى سنة 1270 هجرية، أحد أعلام قزوين ووالد أسرة آل التقوي من أبناء عم آل القزويني في النجف والحلة.

14) المدرسة الإبراهيمية ويقال المدرسة الجديدة: أسسها الميرزا الحاج محمّد إبراهيمَ، القزويني، وتقع في محلة الآخوند، وكانت إحدى المراكز الإخبارية.

15) مدرسة دار الشفاء ويقال المدرسة المحسنية: أسسها الشيخ الميرزا عبدالوهاب القزويني المتوفّى حدوسنة 1270 من أكابر علماء الشيعة، خال قرة العين، تقع في محلة دار الشفاء وجُدّد بناؤها أخيراً.

16) مدرسة التنكابني: أسسها السيد غبراهيم التنكابني المتوفى سنة 1324من العلماء المشاهير في قزوين، تقع حالياً في شارع سعدي.

مساجد قزوين

يزيد عدد مساجد قزوين عن أكثر من سبعين مسجداً، ومعظمها من آثار العصر الصفوي والقاجاري، وهذه أهمها:

1) المسجد الجامع: وهو من أقدم مساجد قزوين، له قبة ضخمة في الضلع الجنوبي ومنارتان في الضلع الشمالي وإيوان في الجانب الشرقي وإيوان في الجانب الجنوبي وإيوان في شمال المسجد. وفي الضلع الشرقي والغربي من الإيوان منارة مطلية بالقاشاني، واقدم جناح في المسجد هو الطاق الهاروني الذي شيّده هارون الرشيد عندما حل في مدينة قزوين وهو في طريقه إلى خراسان سنة 192 هجرية، وأوقف عليه موقوفات تعرف بالرشيديات. وفي أواخر القرن الرابع شيد فخر الدولة البويهي جناحاً في الجنوب الشرقي من المسجد.

وفي سنة 411 قام بتعميرات واسعة الأمير إبراهيم بن المرزبان الديلمي خال مجد الدولة بن فخر الدولة، وأضاف جناحاً الأميرُ خمار تاشي في عصر السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي شرع به سنة 500 هـ وأتمّه سنة 509هـ. وفي سنة 617 هـ احترق قسم من المسجد في حملة المغول، وفي العصر الصفوي توسعوا في التعمير فيه.

2) مسجد سُوخته چنار: من المساجد القديمة في قزوين، كان دار داود بن سليمان الغازي من أصحاب الرضا عليه السّلام. وذكر حمد الله المستوفي والرافعي في « التدوين » أن الإمام الرضا عليه السّلام حين كان في طريقه إلى خراسان نزل في قزوين بدار داود بن سليمان الغازي، وبعد وفاة داود بن سليمان دفن في داره وجعلها مسجداً، ولا يزال قبره في ضلع غرب المسجد ظاهراً يزار.

3) مسجد الحيدرية: يقع هذا المسجد في محلة البلاغي في وسط المدرسة الحيدرية، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس والسادس للهجرة، ولم يُعرف مؤسسه. وكان عامراً في العصر الصفوي ثم استبدل به آثار.

4) مسجد بَنْجَه علي: أسسه الشاه إسماعيل الصفوي في غرب قصره الخاص، وكان من المساجد الخاصة بنساء البلاط الصفوي.

5) مسجد سَنْجِيده: الواقع في محلة ( راه ري ) من المساجد القديمة في قزوين، ويحتمل أن يكون مسجد الثور الذي أسسه محمد الثقفي. وقد زرته من عهد قريب مع جماعة من علماء الآثار والمهندس السيد مهدي المجابي مدير الآثار في محافظة زنجان وقزوين، وعلى أثر الحفريات الأخيرة التي شاهدناها أجمع المتخصصون في الآثار أن هذا المسجد كان أحد المعابد الزردشتية فحُوّل إلى مسجد.

كما وجدنا في عمق خمسة أمتار مقابر قديمة، وفي وسط المسجد تقريباً دهليز طوله حدود ثلاثة أمتار وعرضه متر ونصف وارتفاعه متر وسبعين سانتمتر، وفيه مقابر قديمة. وذكر في كتاب « الغرر والدرر » عن مجامع خطية قديمة أن رفاة حسن الصباح زعيم الإسماعيلية الشهير نُقلت إلى هذا المسجد ودفنت فيه. وكان هذا المسجد، أحد مراكز الإسماعيلية في قزوين. وقد شُيّدت في العصر التيموري قبة كبيرة فوق الدهليز المذكور، ولا تزال باقية حتى العصر الحاضر.

6) مسجد الأحمدية: من مساجد العصر الصفوي. أسّسته الفاضلة العارفة زينب بيگم بنت الشاه طهماسب الصفوي في أوائل القرن الحادي عشر للهجرة. وفي الطابق الأرضي مرقد الشيخ أحمد الغزالي شقيق الشيخ محمد الغزالي. وعلى القبر لوحة من الرخام الأبيض كُتب عليها اسم محمد الغزالي مع الألقاب، وسمّي مسجد الأحمدية نسبة إلى الشيخ أحمد الغزالي، ويقع غرب شارع سِبَه، وهو أحد مراكز تجمّع الصوفية بقزوين.

7) مسجد الشاه: من أكبر مساجد قزوين، أسسه الشاه إسماعيل الصفوي، وانتهى البناء والتزيين في عصر الشاه طهماسب الصفوي. وبعد مرور زمان وفي العصر القاجاري تضعضعت جدرانه، فأمر السلطان فتح علي شاه القاجاري بتجديد بنائه. تحيط بهذا المسجد أسواق قزوين القديمة، وله قبة كبيرة ضخمة مزينة بالقاشاني. ويقع في كل من الجهة الشرقية والشمالية والجنوبية إيوان كبير تقام فيه الصلاة في فصل الصيف، وله ثلاثة أبواب من جهة الشرق والغرب والشمال.

8) مسجد حرم الشهيد الثالث: من مساجد القرن السادس في قزوين. وعندما دفن في الساحة الشرقية من المسجد الشيخ محمد تقي البرغاني المعروف بالشهيد الثالث المستشهد في سنة 1263 وبُني على قبره قبة وحرم اشتهر هذا المسجد باسم مسجد حرم الشهيد الثالث. وله باب من داخل الحرم وباب في الساحة الأمامية. ويقع في شارع سلام گاه شمال روضة شاه زاده حسين بن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام.

9) مسجد الصالحية: من أكبر مساجد قزوين، أسسه الشيخ محمد صالح البرغاني المتوفّى سنة 1271 شمال مدرسته المعروفة باسم المدرسة الصالحية، وانتهى من بنائه حدود سنة 1225 هجرية. وله شبابيك في منتهى الأناقة وعلى أشكال هندسية من الزجاج الملون على طول الجانب الجنوبي، وهو مطلّ على المدرسة، ويقع في محلة ديمج غرب شارع مولوي.

10) مسجد الشهيد الثالث: من أكبر مساجد قزوين، أسسه الشهيد الشيخ محمد تقي البرغاني المستشهد في سنة 1263 في طابقين، واستشهد في محراب هذا المسجد مؤسسه عند صلاة الصبح في اليوم الخامس عشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1263، ورثاه جمهور من الشعراء في الأقطار الإسلامية بمختلف اللغات، منهم الشاعر العراقي الشيخ درويش علي البغدادي الحائري بقصيدة طويلة يقول فيها:

له أسـوة بالطهر حيدرة الرضـا وقاتلُه ضاهَى ( ابنَ ملجم ) بالفعلِ

11) مسجد المسعودية، ويقال مسجد شيخ الإسلام. هو مسجد فخم شيّده ميرزا مسعود بن ميرزا مفيد شيخ الإسلام، وساهمت في إنجازه أمّه العالمة الفاضلة خديجة سلطان بنت الشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري من مالها الخاص، وتمّ إنجازه في القرن الرابع عشر ويقع في شارع سِبَه.

12) مسجد الحاج أحمد الصالحي، وكان يقال له سابقاً مَدْخان بيك (محمد خان بيك )، شيده الحاج أحمد نجل الشيخ حسن الصالحي على قطعة أرض اشتراها من بلدية قزوين سنة 1390هـ، ويقع في شارع النوّاب ملاصقا لمسجد مدخان بيك. وهو مسجد ضخم مزينة جدرانه بالقاشاني المعرّق، وسقفه مزين بالورود الكلسية والمرايا على أشكال هندسية بالألوان الزاهية. وفي جانب الجنوب الغربي من المسجد منارة بارتفاع ثلاثين متراً مزيّنة بالقاشاني البديع الصنع، ويجمع هذا المسجد بين الفنَّين المعماريين القديم والحديث.

المكتبات العامة في قزوين

نذكر في هذا الفصل المكتبات التي تحتوي مخطوطات يزيد عددها على أكثر من خمسمائة كتاب، وكانت موقوفة على طلاب العلوم الدينية والمحققين سواء كان في المدارس الدينية أو في البيوت:

1) المكتبة الإسماعيلية، ويقال لها مكتبة سيدنا التي كانت في ( ألَموت ) من ضواحي قزوين البعيدة. أسسها في سنة 483هـ حسن الصبّاح المتوفى سنة 518 زعيم الإسماعيلية النزارية. وكانت من أنفس المكتبات، وجلب كتبها من جميع أنحاء العالم حيث كان الإسماعيلية منتشرين في الأقطار الإسلامية، فإذا وجدوا كتاباً نفيساً ابتاعوه وأرسلوه إلى مكتبة ( سيدنا ) في ألَموت. وكانت تحتوي على كتب في مختلف العلوم والفنون. وفي أيام حملة المغول على قلاع الإسماعيلية ووصولهم إلى ألَموت في سنة 654هـ كان عدد كتب هذه المكتبة يزيد على أكثر من نصف مليون كتاب ويقال أربعمائة ألف كتاب. ولما أراد المغول إحراقها تدخّل عطاء الملك الجويني ونصير الدين الطوسي وتمكّنا من نقل قسم من هذه المكتبة إلى مراغة ثم أُحرق الباقي.

2) مكتبة الغازي: أسسها ملا خليلا الغازي القزويني المتوفى سنة 1089 الإخباري، وعندنا بعض كتب هذه المكتبة المدونة عليها الوقفية.

3) مكتبة محمد كاظم الطالقاني: أسسها الشيخ محمد كاظم الطالقاني المتوفى سنة 1094هـ. كان من علماء الأصوليين ومدرّساً في مدرسته المعروفة بمدرسة النوّاب.

4) مكتبة فرشته: أسسها الشيخ محمد جعفر بن الشيخ محمد كاظم الطالقاني المتوفّى في حدود سنة 1160 في داره خلف مسجد بنجة علي.

5) مكتبة ملا محمد الملائكة: أسسها الشيخ محمد المعروف بالملائكة المتوفّى سنة 1200. كانت من أضخم مكتبات قزوين وزاد عدد كتبها على أكثر من مائة ألف كتاب، واحترقت في حدود سنة 1165 على يد الإخبارية. وكانت تقع في داره خلف مدرسة النوّاب. والشيخ محمد الملائكة هو والد الأسرة البرغانية.

6) مكتبة مير معزي: أسسها السيد مير معز الدين محمد في قزوين حدود سنة 1149.

7) مكتبة الالتِفاتية: أسسها آغا التِفات في مدرسته المعروفة بالمدرسة الالتفاتية حدود سنة 1050 هجرية، ولا تزال موجودة حتى هذا العصر، وتحتوي على مجموعة من المخطوطات.

8) مكتبة آغا رضي القزويني: أسسها محمد بن الحسن الشهير بأغا رضي القزويني المتوفى سنة 1096 صاحب كتاب « ضيافة الإخوان ».

9) مكتبة النحوي: أسسها الشيخ محسن بن محمد طاهر القزويني المعروف بالنحوي أبو أسرة النحويين في قزوين.

10) مكتبة المولى علي أصغر القزويني: أسسها علي أصغر بن محمد يوسف القزويني المتوفّى سنة 1117، ثم انتقلت إلى ولديه الشيخ محمد مهدي القزويني والشيخ محمد مؤمن القزويني، وعندنا بعض كتبها الموقوفة.

11) مكتبة شيخ الإسلام: أسسها ميرزا مفيد شيخ الإسلام وجعل لها موقوفات كثيرة، وازدهرت في عصر نجله ميرزا مسعود شيخ الإسلام سبط الشيخ محمد صالح البرغاني.

12) مكتبة التَّقَوي: أسسها السيد محمد تقي بن السيد المير المؤمن القزويني المتوفّى سنة 1270.

13) مكتبة نوروز علي القزويني: أسسها نوروز علي التبريزي القزويني، ذكره عبدالله أفندي في « رياض العلماء ».

14) مكتبة حاج سيد جوادي: أسسها المولى المير محمد معصوم بن المير محمد فصيح الحسيني القزويني المتوفى سنة 1091، ووصلت هذه المكتبة إلى ذروتها في عصر السيد عبدالجواد القزويني المتوفّى سنة 1278، وهو أبو الأسرة آل الحاج السيد جوادي في قزوين، وتعرف المكتبة باسمه. وهي تحتوي على أكثر من ألفي كتاب مخطوط ( 2000 ).

15) مكتبة قوي ميداني: أسسها السيد محمد باقر القزويني القوي ميداني المتوفى سنة 1286 في محلة قوي ميدان.

16) مكتبة المدرسة الصالحية: من أشهر مكتبات قزوين، أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري المتوفّى سنة 1271 في مدرسته بمحلة ديمج.

17) مكتبة الشهيد الثالث: أسسها الشيخ محمد تقي البرغاني المعروف بالشهيد الثالث المستشهد في سنة 1263، ولا تزال موجودة حتى العصر الحاضر.

18) مكتبة البرغاني: أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني القزويني الحائري المتوفى سنة 1271 في داره، وهي من أشهر مكتبات قزوين ولا تزال موجودة حتّى اليوم.

19) مكتبة ملا علي البرغاني: أسسها الملا علي البرغاني المتوفى سنة 1269 في داره، ولا تزال موجودة حتّى اليوم.

20) مكتبة قرة العين: أسسَتْها زرّين التاج الشهيرة بقُرّة العين في دارها، وعندنا بعض كتبها.

21) مكتبة فحول القزويني: أسسها السيد رضي الدين الموسوي القزويني في سنة 1267.

22) مكتبة الفَشَندي: أسسها الشيخ محمد تقي الفشندي القزويني المتوفى سنة 1328 هجرية، وتفرقت هذه المكتبة في عام 1391 هجرية. وقد ظفرتُ ببعض من مخطوطاتها منها موسوعة « ذخائر المحبين » في شرح ديوان أمير المؤمنين في وإحدٍ وعشرين مجلداً ضخماً بخط المؤلف.

23) مكتبة الرفيعي: أسسها السيد ميرزا رفيع المتوفى سنة 1272 هجرية، وزاد عليها الحكيم الفيلسوف السيد أبو الحسن الرفيعي المتوفى سنة 1396. واليوم هي عند نجله السيد محسن الرفيعي القزويني من أئمّة الجماعة في مسجد السيد عزيز الله بطهران.

24) مكتبة عبدالحسين الصالحي: كاتب هذه السطور، تحتوي على أكثر من 2000 مخطوط وعشرة آلاف مطبوع. ومن مخطوطاتها قرآن بخط ياقوت المستعصمي مؤرّخ سنة 630هجرية، وكتاب الزيج لگوشيار الجيلاني لم يذكر في مؤلفاته، وعليه تملك سنة 670 هجرية، وزيج بخط عيسى بن النعمان مؤلفه كان معاصر لگوشيار، وجعل كتابه هذا مستدركاً على كتاب زيج گوشيار. ومؤلفات أُخرى بخطوط أكابر علماء الشيعة.

25) مكتبة عبدالوهاب القزويني: أسسها الشيخ الميرزا عبدالوهاب القزويني المتوفى حدود سنة 1270، وزاد عليها الدكتور شفائي المعاصر.

بعض نقباء الطالبيين وأمراء العلويين في قزوين

منهم السيد المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون الأقطَع. ولد سنة 333 وتوفّي سنة 421 هجرية. كان كثير العلم له مصنفات في الفقه والكلام، بويع له في قزوين وبلاد الديلم.

ومنهم أبو طالب يحيى بن الحسين، ولد سنة 339 وتوفي سنة 423. عالم فاضل وهو شقيق السيد المؤيد بالله أحمد المارّ الذكر، بويع له بالديلم وقزوين بعد وفاة أخيه المذكور، ولقب السيد الناطق بالحق.

ومنهم أبو الفضل محمد بن علي المرتضى ملك النقباء بقزوين في القرن السابع.

ومنهم أبو الشرف عبدالعظيم بن الحسين بن علي الحسني الحائري الأردبيلي، نقيب السادة بقزوين، وادّعى فيه أهل جيلان الإمامة، وكان فاضلاً فقيهاً.

ومنهم السيد شريف محمد المتوفّى قبل سنة 445 من بيت آل الزينبي. كان نقيب الهاشميين بقزوين، وولده وسَميّه الشريف أبو المعالي محمد الزينبي القزويني تولّى النقابة بعد أبيه في قزوين.

ومنهم أبو علي فخر المعالي شَرَفشاه بن محمد بن أحمد الجعفري القزويني المتوفّى سنة 484 من أمراء قزوين، وبوفاته انتهت إمارة آل الجعفري في قزوين.

ومنهم عبدالله بن أحمد بن حمزة القزويني الجعفري شيخ الطالبية في قزوين.

بعض مشاهير العلماء في قزوين

نبغ من قزوين جمهور من علماء الفريقين، ودفن بعضهم في قزوين. منه: ابن ماجه القزويني المولود في سنة 207 والمتوفّى في سنة 275 هجرية صاحب كتاب السنن من علماء السنة.

وزكريا القزويني المتوفّى سنة 682، صاحب كتاب عجائب المخلوقات وآثار البلاد.

ومنهم حمد الله المستوفي المتوفّى حدود سنة 750.

وآل المستوفى ـ ويقال لهم آل فخر الدولة ـ من الأُسر العلمية العريقة في قزوين، يرجع نسبها إلى بني رياح بطن من بني تميم، وهي من الطوائف الشيعية في قزوين. وقد أنجبت كثيراً من العلماء والزعماء والأمراء الذين قبضوا على زمام الزعامة والرياسة في البلد. وقد برزوا في قزوين في أوائل القرن الثالث للهجرة منذ عهد جدّهم فخر الدولة أبي منصور الكوفي الذي عُيّن قائداً للجيش ووالياً في قزوين عام 223.

وعندما خرج الداعي إلى الحق حسن بن زيد العلوي في سنة 251 التحق به وأيّده في ثورته.

ومنهم فخر الدولة أبو علي الذي كانت حكومته في قزوين أوائل سنة 294.

ومنهم فخر الدولة أبو منصور المتوفى حدو سنة 420 المعاصر لمحمود الغزنوي.

ومنهم زين الدين أبو نصر ابن فخر الدولة أبو منصور الذي عيّنه السلطان محمود مستوفياً على قزوين، فاشتهرت هذه الأسرة بآل المستوفي.

ومن أشهر علماء هذا البيت الجليل المؤرخ الشهير الشاعر حمد الله المستوفي المتقدم ذكره، وذكر في كتابه ( نزهة القلوب ) أنه من أحفاد الحر الرياحي بثماني عشرة واسطة، وغيرهم من الأعلام والمشاهير.

وقبر حمد الله في قزوين في محلة ( بنبه ريسه ) على مرقده قبة مخروطية الشكل من آثار أواخر العصر المغولي.

ومن علماء قزوين أبو المعالي جلال الدين محمد بن عبدالرحمن القزويني المتوفى سنة 739 هجرية، كان خطيباً بجامع دمشق وهو المعروف بالخطيب الدمشقي من أئمّة الشافعية وقاضي القضاة.

ومنهم أبو القاسم عبدالكريم الرافعي المتوفى سنة 623 من أئمّة الشافعية وصاحب كتاب « التدوين في ذكر أخبار قزوين »، ويقال: التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين.

ومنهم حكيم شاه محمد القزويني من مشاهير علماء الطب المتوفى سنة 966.