28 محرم الحرام 1433 - 25/12/2011
من المعروف ان مدينة كربلاء حالها حال بلاد الرافدين تزخر بتراث عربي وإسلامي عريق إضافة لتراثها الإنساني فقد شيدت عليها حضارات عديدة والدلائل الأثرية شاهدت على هذا القول كقصر الاخيضر وقربه الكنيسة التي تعد من الكنائس القديمة جدا إضافة لأثار عديدة لم يعرف حتى ألان أعمارها او فك رموزها كتل الأصفر في الكمالية مثلا وبعد ذلك كله جاءت ثورة الأحرار على أرضها الطاهرة فتوجت كمدينة حملة كل معاني البطولة والإسلام الصحيح باحتضانها لجسد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه (سلام الله عليهم ) فباتت قبلة لأنظار العالمين ومحط رحال الباحثين والاكاديمين والتجار لذا فازدهرت فيها فنون ومهن واعمال فكان هنالك بناء لتراث كربلائي جديد وضلت على هذا الحال إلى ان وصلت لأجيالنا الحالية التي لم تستطع الوصول الى المعلومات التاريخية التفصيلية عن كربلاء أيام زمان كون توثيق تاريخ كربلاء وأهلها لم يجد رعاية كافيه في الوقت السابق الا ما ندر من بعض المؤرخين والكتاب وبقينا نبحث في ذاكرة الكبار عن بقايا مخزون لمشاهداتهم وذكرياتهم عن كيفية العيش في مناطق وأزقة كربلاء لذا فموقع نون حاول تسليط الضوء هذه المرة على احدى الاماكن التراثية لكربلاء والتي ظهرت فيها فنون العمارة الإسلامية جليا ومهارة عملها وهو طاق الزعفراني ولأننا أردنا أن نستقي المعلومة من ذكريات اهل المنطقة كانت لنا هذه اللقاءات مع اهلها
الزعفراني يغرد وحيدا
في بداية بحثنا عن من يستطيع ان يعطيني معلومات عن هذا الأثر التقينا بالحاج غازي الاسدي وهو صاحب فرن للحلويات في منطقة باب الطاق قال لموقع نون : رغم اني لست من هذه المنطقة فسكني السابق في محلة العباسية وانتقال عائلتي الى هذه المحلة ليس بالفترة البعيدة جدا الا ان احاديث والدي ومشاهداتي وأنا صغير تمكنني من إيضاح بعض الأمور هو ان كربلاء سابقا كانت تحتوي على ابواب عديدة لذا سمية بها مناطقها كباب الطاق التي نحن بها الان وباب السلالمة وباب الخان وغيرها وكانت هذه الابواب في كل عصر تؤدي خدم ما كالحماية والسيطرة على الاناس الغرباء وكذلك مقرا لانطلاق المواكب الحسينية المعزية باستشهاد الامام الحسين (عليه السلام ) الا ان هذه الابواب لم يتبقى له اثر سوى هذا الطاق الذي يسمى الزعفراني .
لم يمض وقت على بحثي عن يمكنه ان يحدثن بصورة اكثر عن هذا الطاق حتى وجدت الحاج عباس غفوري ال طعمة وهو من القدامى الساكنين مجاورة للطاق بين لنا ان هذا الطاق بني قبل مايقارب 250 سنة على يد احد التجار الكبار الذي كان يطلق عليه اسم الشهبندر وبعد ذلك انتقلنا الى اولاد الحاج عباس أصحاب محل العطارة القريب من الطاق والذين ورثوه عن جدهم حيث اكمل لنا الحديث سالم عباس قائلا :سمعت من جدي ان هذا الطاق بني على يد تاجر كبير يعمل بالزعفران ولكون بظاعته التي ينقلها على ظهور الجمال كبيرة وقافلته واسعة بنا هذا الطاق ومن فوقه شباك او كما كان يسمى أراسي او شناشيل ليشاهد القافله من غرفته المطله على الطاق ويعدها ويتاكد من ورودها الى كربلاء عبر هذا الباب الذي كان يؤدي الى سوق ضخم في منطقة باب الطاق والذي يكض بالتجار العراقين والاجانب امثال الافغان والهنود والايرانين وقد كان في السابق ارتفاع الطاق ما يقارب 8 امتار ويحتوي على لالات نفطية تنار في الليل ويحتوي في احد جوانبه على نافورة جميله يود الكثير الجلوس قربها .
ذكريات مع الماضي
أما محمد عباس فقال : لا اخفي عليك أرجعتني إلى التاريخ القديم وذكرياتي فلي ولاهل المحلة ذكريات عديدة فلا أنسى لعبنا ونحن أطفال تحت سقف هذا الطاق وافراح المحله التي ضل الطاق شاهدا عليها وطيبتهم ونخوتهم , ثم ابتسم قليلا ثم قال : رغم بقاء هذا الأثر يصارع الظروف ورغم أعماره وجعله على نفس الطراز السابق والذي يتميز بعشرة أقواس (او كما تسمى طاق ) وسقفه من القرشي الا أننا نتمنى المحافظة عليه والاعتناء به اكثر فهو يذكرنا بمن عاشوا على ارض كربلاء من الافاضل ومن الذين نفتقد مواقفهم الطيبة والتي لاتنسى فنحن دائما ما نتذكر بيت المختار وبيت حجي سالم وبيت ال ثابت وبيت ال طعمة وغيرهم .
رغم ما تغير من ملامح في كربلاء الاان اهلها بقوا يتذكروها شبرا شبرا كما كانت في السابق ويتذكرون معها المواقف الصامدة لاهلها وهذا الطاق الذي وقف ضد الزمن وضد الظروف الصعبة وبمساعدة من جاوره من اهالي منطقة باب الطاق بقي ليذكر الجميع باسلافهم وتاريخهم وبقي التاكيد على ضرورة الحفاظ على تراثنا وحضارتنا من قبل الدولة والمواطن على حد سواء ولايكون كطاق ابو البن الذي هو الاقرب لطاق الزعفراني الذي اصبح من الذاكرة لنسيانه من قبل الجميع ولتاثره باحداث الانتفاضه الشعبانية .
تحقيق/حازم فاضل الطائي