b4b3b2b1
مؤمنون من البحرين الجريح زاروا المرجع الشيرازي | احياء الذكرى من قبل المؤسسات والمراكز... تخليد وسيراً على النهج | أعضاء نقابة السادة وهيئة إحياء الشعائر الفاطمية بالعراق يزورون المرجع الشيرازي | حشود مليونية تحيي اليوم زيارة أربعينية أبي الأحرار في كربلاء | العلاقات العامة لمكتب المرجع الشيرازي في كربلاء تحي ذكرى شهادة الامام الحسن المجتبى عليه السلام | مجالس العزاء بذكرى استشهاد النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله في بيت المرجعية الشيرازية | عرض مؤلّفات المرجع الشيرازي في معرض الكتاب بتبريز | السيد عارف نصر الله يتسقبل ابطال الجيش والحشد الشعبي من مدينة آمرلي | مدير مكتب النجف بكلمته بجامعيين من بغداد وبابل: على العراقيين أن يتصدّروا العلوم ويتحمّلون مسؤولية إدارة العراق | طرف باب الخان.. خير خلف لخير سلف في الخدمة الحسينية | وفد العشائر والمواكب الحسينية في محافظة ديالى يزور مكتب العلاقات العامة | وسط حضور حوزي كبير إقامة مجلس الفاتحة على روح الفقيد العلوي |

المرجع الشيرازي: التاسع من ربيع الأول هو الغدير الثاني ويوم التعيّد والتبرّي

3589

 

10 ربيع الأول 1433 - 04/02/2012

قم المقدسة/ متابعات

أبارك عيد التاسع من ربيع الأول للمؤمنين والمسلمين جميعاً، وأسأل الله تعالى بحقّ مولاتنا الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها أن نكون المثل اﻷعلى والنموذج اﻷبرز للتعيّد في هذا اليوم.

يصادف هذا اليوم التاسع من ربيع الأول، ولقد عُبّر عنه في رواية معتبرة بأنه الغدير الثاني.

قال السيد ابن طاوس رحمه الله في كتاب زوائد الفوائد: روى ابن أبي العلاء الهمداني الواسطي و يحيى بن محمد بن حويج البغدادي جميعا عن أحمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري سلام الله عليه بمدينة قم عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري سلام الله عليه أن هذا اليوم يوم (الغدير الثاني).

هذه الرواية لأحمد بن اسحاق، نقلها العلامة المجلسي رحمه الله «في بحار الأنوار ج95» عن المرحوم السيد ابن طاووس رحمه الله بسند ينتهي إلى الإمام الهادي سلام الله عليه.

وسند هذه الرواية ـ بنفسه وبمفرده ـ لا اعتبار له؛ وذلك بسبب وجود أشخاص مجهولين في سلسلته، وإن لم يكونوا من الضعفاء.

قرائن الرواية

لكن ما يبدو أن هذه الرواية محفوفة بالقرائن، ومن المعلوم أن من مصاديق الحجة في باب الروايات كون الرواية محفوفة بقرائن تورث الاطمئنان النوعي أو الشخصي بصدورها أو بصدور مضمونها من المعصوم. ومن القرائن المطمئنة التي تحفّ هذه الرواية:

1/ إن السيد ابن طاووس نفسه ـ هو من أهل الخبرة في هذا المجال، وله كتاب كبير في الرجال لخصه وحرره صاحب المعالم وسماه (التحرير الطاووسي) ـ قد وصف هذه الرواية بكونها (عظيمة الشأن).

2/ كما نسبها السيد ابن طاووس أيضاً إلى «عمل جماعة»، وهذا أيضاً مما يعمل به لأجله جمهرة من الفقهاء، أي يجبرون جهالة السند بعمل جماعة من الفقهاء. 3/ وقال السيد ابن طاووس أيضاً إنه وردت ـ موافقة لهذه الرواية ـ عدة روايات رويناها عن الصدوق رحمه الله.

ونحن لم نجد في كتب الصدوق التي بين أيدينا تلك الروايات التي أشار إليها السيد ابن طاووس، ولكن مجرّد ما وصلنا من قول السيد ابن طاووس أنه كانت روايات للصدوق بهذا المضمون يكفي للدلالة على وجود مثل تلك الروايات، لأن السيد ابن طاووس ثقة معتبر نقله.

أما عدم وصول تلك الروايات إلينا، فلعل الشيخ الصدوق نفسه لم ينقلها في كتبه مراعاة لبعض الجوانب السياسية أو أن الكتب التي نقلها فيها كانت ضمن الكتب التي أحرقت، فهناك عشرات الكتب من الصدوق لم تصلنا إلا أسماؤها، أما هي فقد تلفت مع ما تلف من الكتب في جرائم حرق المكتبات التي طالت التراث الشيعي الضخم، ولعل من أبرز كتب الشيخ الصدوق التي أتلفت ولم تصلنا كتابه المشهور (مدينة العلم).

4/ لقد عمل مشهور الفقهاء ـ أو ما يقرب من المشهور ـ بهذه الرواية في باب الأغسال، حيث ذكروا أن من الأغسال المستحبة غسل التاسع من ربيع الأول. وهذا يعني أنه قد عمل بها في الفقه أيضاً إجمالاً.

فإذا ضممنا هذه القرائن مع بعض، لا يبعد حصول الاطمئنان النوعي بصدور هذه الرواية عن المعصوم.

دلالة الرواية

لقد عُبّر عن هذا اليوم بأنه الغدير الثاني.

قيل: إن هذا اليوم هو اليوم الأول لإمامة الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله وسلامه عليه.

إلا أن هذا غير تامّ؛ لأن استشهاد الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه كان في الثامن من ربيع الأول، وإذا عرفنا أن الإمام التالي يكون إماماً في اللحظة التي يستشهد فيها الإمام الذي قبله «لأن الأرض لا تخلو لله من حجة»، فهذا معناه أن إمامة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الظاهرية إبتدأت في الثامن من ربيع الأول وليس في التاسع منه الذي يصادف اليوم الثاني لإمامته عجل الله تعالى فرجه الشريف.

إذن لابد أن يكون التعبير عن هذا اليوم بأنه الغدير الثاني ـ في الحديث الشريف ـ لجهة كونه يوم التبري من أعداء الله تعالى، كما هو واضح من الرواية المذكورة.

قال الشيخ المفيد في المقنعة: «وولاية أولياء الله تعالى مفترضة وبها قوام الإيمان وعداوة أعدائه واجبة على كل حال».

فمع أخذ مفهومي التولّي والتبرّي اللذين أشار إليهما الشيخ المفيد رحمه الله نفهم أن التعبير عن هذا اليوم بالغدير الثاني معناه أنه يوم التبري، بعد أن كان الغدير الأول يوم التولّي؛ ليحصل التكامل بين جناحي العقيدة الإسلامية.

ركنا الدين والعقيدة

إن التولي والتبري هما الركنان الأساسيان في أصول الدين والعقيدة، فما التوحيد إلا رفض كل ما سوى الله والتوجه إلى الله وحده، والنبوة تعني تولي أنبياء الله تعالى وعلى رأسهم خاتمهم وسيدهم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله والتبري من أعدائه وأعدائهم. وكذلك الإمامة هي تولي الأئمة المعصومين سلام الله عليهم والتبري من أعدائهم.

والغدير هو مظهر التولي والتبري معاً اللذين يمثلان ركني العقائد، فإذا كان يوم الثامن عشر من ذي الحجة هو يوم الغدير الأول الذي يتجلى فيه التولي لأمير المؤمنين والأئمة سلام الله عليه وعليهم. فإن يوم 9 ربيع الأول هو اليوم الذي يتجلى فيه التبري من أعدائهم أجمعين.

قال الله تعالى في كتابه الكريم: «لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله...» (2). وهذا معناه أن تولّي أولياء الله تعالى ومودّة أعدائه لا يجتمعان في الإسلام، بل الإسلام هو تولّي الله وأولياءه «وهذا هو الركن الأول فيه والذي جعل له يوم الغدير الأول» والتبرّي من أعدائه وأعداء أوليائه (وهو الركن الثاني في الإسلام، وجعل له يوم الغدير الثاني).

والروايات الصحاح الصريحة المتواترة في هذا المجال كثيرة جداً، رغم ما كان يتعرّض له الأئمة المعصومون سلام الله عليهم من مصاعب في سبيل بيان هذا المعنى.

9 ربيع الأول يوم عيد

إن الأعياد الدينية معدودة في الإسلام، ولا يكون يوم عيداً إلا ببيان من الشرع، فهناك أيام عظيمة كثيرة في الإسلام ولكنها لم تتخذ أعياداً لأن الشارع المقدس لم يسمّها أعياداً؛ مثل ليلة النصف من رجب وليلة القدر ويوم عرفة رغم عظمتها. أما الأعياد في الإسلام التي ورد فيها النص فهي أربعة: الجمعة والفطر والأضحى والغدير.

الا أن المرحوم صاحب الجواهر استفاد من هذه الرواية أنها تدل على أن هذا اليوم (9ربيع الأول) هو من الأعياد الاسلامية أيضاً؛ قال رحمه الله:

(وقد عثرت على خبر مسنداً الى النبي صلى الله عليه وآله في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وأنه يوم سرور لهم سلام الله عليهم ما يحير فيه الذهن ... مع كونه عيداً لنا ولأئمتنا) .

الغدير الثاني

إن عبارة «الغدير الثاني» يمكن أن يستظهر منها أمران:

إن كونه الثاني نوع حكومة وتوسعة للدليل الأول (أي لما كان الغدير الأول عيداً كما صرحت به الروايات، ثم عبرت الروايات عن هذا اليوم بأنه الغدير الثاني، فهذا معناه بأن الدليل الثاني سيوسع من الدليل الأول ويكون حاكماً عليه، فيكون مفهوم العيد شاملاً لهما معاً وليس للأول وحده).

أمثلة

عندنا في الفقه يكون القيام واجباً في الصلاة، ولا يسوغ للمصلي الجلوس إلا إذا لم يقدر على القيام، ولكن الفقهاء يقولون إن من لم يستطع القيام الكامل تنتقل وظيفته إلى المراتب التي تليه، وليس إلى الجلوس مباشرة، لأن المراتب الأقل من القيام الكامل تعتبر أنها قيام أيضاً، ولا تنتقل الوظيفة إلى الجلوس إلا لمن كان عاجزاً عن كل مراتب القيام. وهذا إنما يقول به الفقهاء من باب توسعة دليل القيام الذي يحكم به القيام غير الكامل توسعة لدليل القيام.

وهكذا في باب الوضوء أو الغسل يقال: من لم يستطع الغسل يتيمم بدلاً منه، ولكن بدل أي غسل؟ يقول الفقهاء بدل الغسل غير الممكن في كل مراتبه، إذ ذاك تصل النوبة الى التيمم وإلا فإن دليل غسل الجبيرة يكون حاكماً على غسل كل البدن، فهو يوسّع دليل الغسل، فيكون غسل الجبيرة بالدليل الحاكم (غسلاً) أيضاً.

وهكذا الحال مع ما نحن فيه أيضا، فإن عبارة الغدير الثاني وسّعت الغدير الوارد في الروايات التي عدّته عيداً، فإذا كان الغدير مطلقاً عيداً، فإن الغدير الثاني هو غدير بالطبع فيكون عيداً أيضاً. وبتعبير أوضح: إذا قلنا إن الغدير أعظم الأعياد الأربعة، فإنما بتمام أقسامه يكون كذلك، ومنه الغدير الثاني.

2/ الأمر الثاني الذي أودّ الإشارة إليه أن كلمة (الثاني) لا تدلّ في ظهورها على أن الأول أهم من الأول؛ أجل تدل كلمة البدل على أولوية المبدل منه من البدل. أما صرف التأخر الزماني فلا يظهر منه فضل للمتقدم، إنما ينبغي البحث في أدلة أخرى أن أيّهما أهم؛ التولي أم التبري؟

نسأل الله تعالى ببركة السيدة الصديقة الزهراء سلام الله عليها الذي هذا اليوم منسوب إليها أن يجعلنا ممن يعرف قدر الغدير وأن نسعى لتوفير مقدمات الهداية للذين ليسوا قريبين من أهل البيت سلام الله عليهم ليهتدوا أيضاً بنورهم سلام الله عليهم. ويكونوا ممن يعرفون (الغدير) والله هو القريب المجيب.

يوم التبرّي من أعداء أهل البيت

وجاء في الرواية المعتبرة حول اليوم التاسع من ربيع اﻷول بأنه يوم عيد أهل البيت.

وقد ذكرت سابقاً ـ وعلى سبيل منع الخلو ـ قرائن عديدة حول اعتبار تلك الرواية. فرواية أحمد بن إسحاق معتبرة في (اللا اقتضائيات) وأيضاً كون اليوم المذكور عيداً.

وفي النتيجة إن الرواية معتبرة إما من حيث السند ـ وهي كذلك ـ أو من باب التسامح في أدلة السنن.

لقد صرّح الفقيه اﻷصولي الميرزا النائيني في موارد وفروع عديدة من الفقه أنه: إن كانت لدينا رواية ضعيفة وعمل بها جماعة من اﻷصحاب، فيكون عملهم مجبراً لضعفها وتكون معتبرة. ولا تنسوا بأن تعبير (جماعة من اﻷصحاب) يختلف عن تعبير (المشهور) وعن (كلّ اﻷصحاب) وقد عمل بذلك المشهور من الفقهاء في مسألة استحباب الغسل في اليوم المذكور.

أما قاعدة التسامح ـ وهي الوجه اﻵخر لصحة الرواية المذكورة ـ فلها موارد عديدة، وهنا أذكر مثالاً ليطمئن الإخوة الفضلاء أكثر:

لقد قرّر عدد من اﻷشخاص مباحث كتاب الصلاة للمرحوم النائيني، وطبعت هذه التقارير طبعات مختلفة، وجاء في المجلد اﻷول صفحة 16 من إحدى الطبعات القديمة لتلك التقارير أن النائيني قد ذكر: يستحبّ اﻹتيان بأربع ركعات بعد فريضة العشاء. وهذه الركعات اﻷربع تختلف عن النوافل المعهودة. فهذه الصلاة تعدّ عبادة، ولها دليل واحد فقط وهي تلك الرواية التي يعبّر عنها المرحوم النائيني بالضعيفة. ووجه الضعف فيها هو أن الشيخ الطوسي رواها عن ابن محمد بن الحسن بن الوليد يعني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه بسنده عن مولانا اﻹمام الصادق صلوات الله عليه.

أما أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد فليس له توثيق خاص، لذلك اختلف العلماء حول كون الرجل ثقة أو لا، ولكنه عُدّ معتبراً عند جماعة وأنا منهم.

فالمرحوم النائيني لا يوثّقه ومع ذلك أفتى باستحباب تلك الصلاة.

واعلموا أن تلك الصلاة هي صلاة جديدة ولم تنقل إلا عن طريق أحمد بن الحسن بن الوليد، فقد قال النائيني: ولا بأس به بعد جبر الرواية بعمل بعض الأصحاب وبعد التسامح في أدلة السنن..

لقد ذكر النائيني وجهين لهذا العمل: الجبر السندي، وقاعدة التسامح في أدلة السنن (أي حتى لو قلنا لا يستفاد من قاعدة التسامح في اﻷدلة باستحباب تلك الصلاة، فجبر السند هو الوجه اﻵخر لهذه الرواية).

إذن: رواية أحمد بن إسحاق معتبرة على ضوء تلك الأدلة الثلاثة، وفي هذه الرواية المعتبرة تم وصف التاسع من ربيع اﻷول بأنه يوم عيد أهل البيت صلوات الله عليهم.

عيد التولّي وعيد التبرّي

لدينا عيدان: عيد التولّي وهو عيد الغدير، وعيد التبرّي وهو يوم التاسع من ربيع اﻷول .

وإذا راجع الإخوة الفضلاء كتب الصرف واللغة لوجدوا أن صيغة (تفعّل) تستخدم، غالباً لـ(إظهار) شيء ما وليس لمجرّد الاعتقاد بذلك الشيء. وبعبارة: إن المعنى الغالب لـ(تفعّل) هو اﻹظهار العملي.

على سبيل المثال: من يحبّ أهل البيت صلوات الله عليهم ويعادي أعداءهم حسب الحديث التالي ـ ولعله متواترـ: «هل الدين إلاّ الحبّ والبغض» فحقيقة تولّيه يكون هكذا بأن يُظهر حبّه وعداوته قدر ما يستطيع. والشاهد على هذا الكلام لفظ (التشهد) الذي يختلف عن الشهادة. فهل يعتبر متشهداً من اعتقد بواحدانية الله ونبوّة نبيّه بقلبه دون إظهار ذلك بلسانه وعمله. فإذا كان اﻷساس هو الاعتقاد بالتشهّد بالقلب فقط فإن أمثال أبي سفيان سيكون متشهّداً بالشهادتين ـ في حين أن القرآن الكريم وصف الّذين ينكرون الحق بالظاهر وباللسان ولكنهم على يقين به ـ وصفهم ـ بقوله تعالى: «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم» .

إذن هنا يُستلزم أمران:

اﻷول: التوفّر على الحبّ والبغض. والثاني: إظهار الحبّ والبغض وهما التولّي والتبرّي.

إن صيغة (تكسّب) و(تصدّي) و(تعلّم) وأمثالها كلّها تدلّ على أن مادّة تفعّل ترتبط باﻷمور التي تظهر في الخارج كعمل وسلوك. فإذا لم يتمّ إظهار التولّي والتبرّي فليس هنالك في الواقع لا تولّي ولا تبرّي.

أهمية التولّي والتبرّي

إن للتولّي والتبرّي في الثقافة الإسلامية وفي روايات أهل البيت صلوات الله عليهم أهمية خاصة ومرتبة عالية وفريدة. ولهذه اﻷهمية عدّ العلاّمة المجلسي التولّي والتبرّي من أصول الدين، (طبعاً لا بأس بدرجها في فروع الدين عند تعليم المبتدئين). ولدينا بهذا الخصوص روايات عديدة ومتواترة كثيرة، ومنها رواية أحمد بن اسحاق التالية عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله عن الله تبارك وتعالى:

(بعزّتي وجلالي وعلوّي في مكاني لأحبونّ من تعيّد في ذلك اليوم محتسباً ثواب الخافقين، ولأشفعنّه في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدنّ في ماله إن وسّع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقنّ من النار في كلّ حول في مثل ذلك اليوم ألفاً من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلنّ سعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً، وأعمالهم مقبولة).

التعيّد في هذا اليوم

فلفظة (يعيّد) في هذه الرواية شاهد آخر على ما ذكرناه حول (التفعّل). فالتعيّد معناه أن نعيّد في التاسع من ربيع اﻷول ونظهر السرور والفرح. فلا يكفي أن نعتقد بكون هذا اليوم عيداً في القلب فقط ولا يصدق عليه التعيّد. بل علينا أن نظهر تعيّدنا في هذا اليوم وأن نعمل باﻷعمال التي نعملها في باقي اﻷعياد. وكلّ من يمتثل لذلك فسيتقبّل الله أعماله وينعم عليه بهدية. أي إن هذا العمل هو من أسباب قبول الصلاة والصيام وباقي اﻷعمال. فأداء الصلاة لا يكفي لقبول الصلاة. فربّ مصلٍ تكون صلاته غير مقبولة عند الله تعالى ولذلك لا يكتب له اﻷجر في صحيفة أعماله. فقد ذكرت الروايات الشريفة أن صلاة العبد يقبل منها ما كان المصلّي حاضر القلب والذهن. فيوم القيامة يرى العبد أن نصف صلواته أو ربعها أو جزءاً قليلاً منها كتبت مقبولة، والباقي غير مقبولة ﻷنها لم تكن عن حضور القلب والذهن. ومثل هذا العبد لا يعاقب لكن أجره يكون قليلاً وبنسبة الصلاة المقبولة.

إن التعيّد في هذا اليوم الذي عدّ في الرواية المعتبرة (عيد أهل البيت) هو من اﻷمور التي تقبل بواسطتها أعمالنا. وبالطبع كلُّ يعيّد حسب شأنه. فالفقير يمكنه ذلك حتى بشراء شوكولاته واحدة لابنه الصغير ويصدق عليه التعيّد، ولكن الغنيّ والثري إذا عمل بنفس ما عمله الفقير فلا يصدق عليه التعيّد.

وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.