14 جمادى الآخرة 1433 - 06/05/2012
لدى استقباله جمع من طلاّب الكلية التقنية لجامعة المستنصرية في بغداد وجامعة بابل في مكتب المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله, في مدينة النجف الأشرف, يوم الجمعة الموافق لـ١٢ جمادى الثانية 1433 للهجرة، تحدّث الشيخ محمد تقي الذاكري عن العقل العراقي والعلم وقال:
لقد أثبتت التجارب الميدانية على ان العقل العراقي يتمكّن من تحمّل المسؤوليات الكبيرة وأن يكون هو الأول وفي الصدارة لمختلف الأعمال، وعليه فيجب أن يبحث كافّة السبل في سبيل تحمّله المسؤولية في مختلف المجالات، ففي الاقتصاد يكون هو الأول، وهكذا في السياسة والعلوم الأخرى، وكذلك في الانتاج والتصدير.
ثم ذكر الشيخ الذاكري الحديث الشريف التالي: العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء, وقال: شاء الله أن يكون المسلم موفّق في كل علم ومهنة, أراد الخوض فيهما، وأعطاه البركة في الهواء والتراب والشمس, وأراد منه القوة في تحمّل المسؤولية الشرعية والقانونية. فقد ذكرت نصوص اُخرى من الورايات الشريفة: إنّ الله يحبّ المؤمن القوي، والتاجر الذكي، والمؤمن كيس (بالتشديد) فطن، ولايريد له أن يكون كيس قطن. فالله سبحانه لايريد للمؤمن الخذلان والتقهقر في ميادين الحياة، إنما المؤمن هو الذي يضع نفسه في مكان اختاره لنفسه وبإرادته، فإذا اختار لنفسه الأعمال والمهن الدنيئة لاسمح الله، فهو الذي وضع نفسه في مكان لا يحسد عليه، ويكون مسؤولاً عن أعماله وأفعاله أمام الله.
وفي معرض حديثه عن كون العلم نوراً، قال الشيخ الذاكري: إنّ بذل الجهد لتحصيل العلم وحده لا يكفي، بل على كل واحد منّا أن يمارس الأخلاق العملية مع والديه، ومع المجتمع، كما يتعامل مع العلم في بذل الجهد. وعليه أن يبذل جهده لتحصيل العلم. وعليه أيضاً بذل الجهد في الجوانب الخلقية والتربوية وغيرها، كي يبقى في الصدارة في مختلف المجالات.
ثم تحدّث فضيلة الشيخ عن أهمية التنظير في الحياة وقال: هناك أفراد يخطّطون وينظّرون للمجتمعات، وهناك أفراد لايتجاوز عددهم أصابع اليديين، يخطّطون للعالم ويضعون المناهج لنا ونحن نيام، ولهم الدور الأهم في مختلف مجالات الحياة، يلعبون ويمنهجون لنا في مأكلنا ومشربنا وملبسنا، وفي أنفسنا وأعراضنا وأولادنا، وفي اقتصادنا وسياستنا، وفي مجتمعاتنا الدينية والجامعية، المغلقة والمفتوحة، ونحن ننفذ مخططاتهم من دون علم ولاتحقيق. وهذا نقص فينا وليس كمال لهم، فإنهم يخطّطون لمصالحهم، فعلينا التخطيط لبلدنا وأهلنا وأولادنا، ولاقتصادنا وسياستنا، ولتربيتنا وبيئتنا، حتى لانكون ألعوبة بيدهم، يأخذوننا يميناً وشمالاً، وليس لنا لا حول ولا قوّة.
ثم تطرّق الشيخ الذاكري في حديثه أمام طلاب الجامعة إلى الحديث الشريف المشير إلى أهمية المعرفة بالزمان والمكان وقال: يقول الإمام الصادق صلوات الله عليه: العالم بزمانه لاتهجم عليه اللوابس، واليوم مسؤولية الجميع هي أن نعرف ماذا يدور حولنا من خطط, وماهو مستقبلنا كعراقيين، وما الذي رسمه المستعمرون ومن في فلكهم للشعب العراقي، هل هو لصالح الأمة الإسلامية بشكل عام، أم انه لصالح العراقيين بشكل خاص، أم انهم يخطّطون لإعلاء نجم التطرّف والإرهاب في المنطقة ليحجموا التطرّف كما يقولون، وعلينا أن نعرف النتائج المترتبة على هذه المخطّطات والثمن الذي يدفعه الشعب العراقي ليبقى حيّاً يمارس أدنى حقوقه في الحياة.
في الختام أكّد مدير مكتب سماحة المرجع الشيرازي في النجف الأشرف ضرورة الاهتمام بتحصيل العلوم وطي مراحل العلو والوصول إلى أعلى مراتب الصدارة ليكون المؤمن العراقي هو الأول في تحمّل المسؤوليات وهو الأول في استخدام تلك العلوم بعد تحصيلها. والمطلوب منه أن يكون هو الأول في الانتاج والتصدير, وهو المسؤول الوحيد والمستقل في إدارة بلده من دون أن يتدخّل الأجنبي، أو من يتعامل مع الأجنبي، فإنّ المتعامل مع الأجنبي أجنبي (على حد تعبير الشيخ) ولا يجوز الاعتماد عليه، ولايمكن أن نحمّله ما لا يعتقد به، فهو يعتقد بالمال لا الوطن، ويعتقد بالعمالة لا الاستقلالية، والعراق بحاجة إلى أمثالكم, علماء عاملين, لا عملاء خائنين.