b4b3b2b1
الشيخ محمد تقي الشيرازي قدس سره مرجع رشيد وقائد ثورة | الحادي عشر من ذي القعدة ولادة قرة أعين المؤمنين الإمام الرضا (عليه السلام) | السيد محمد حسن الشيرازي المعروف بالشيرازي الكبير (قدس سره) | أبي صلاح الحلبي | شيعة تركيا منار لمحبي اهل البيت عليهم السلام وعبرة لاهل الغرب | السيدة خديجة (عليها السلام) | الطوسي أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ(شيخ الطائفة) | المقداد بن عمرو (رضوان الله عليه) | مالك الأشتر (رضوان الله عليه) | ثورة النّفس الزّكيّة محمد بن عبدالله بن الحسن | جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) | فاطمة بنت أسد أم الإمام علي عليه السلام |

الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر (عج) ودوره القيادي:

 

27 رجب 1432 - 29/06/2011

ولد أبو القاسم محمد بن الحسن، مهدي هذه الأمة وأملها المرتجى الذي يحيي الله به الحق والعدل ويعيد إلى الأمة حريتها وكرامتها ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً. ولد في سنة 255 للهجرة في سامراء ولم يولد لأبيه مولود غيره، وذلك قبل أن تصل الخلافة إلى المهتدي العباسي بشهر تقريباً وتوفى والده (ع) وله من العمر خمس سنوات فأتاه الله الحكمة وجعله آية للعالمين وإماماً للمسلمين، كما جعل عيسى بن مريم وهو في المهد نبياً.

فأخفاه أبوه الإمام الحسن العسكري عن أعين الناس فلم يعلم به إلا خواص شيعته خوفاً علبه. وقد حضرت ولادته عمة أبيه حكيمة بنت الإمام محمد الجواد عليه السلام.

النصوص الواردة بحقه عليه السلام:

لقد روى أحاديث المهدي (ع) جماعة من محدثي السنّة في صحاحهم كالترمذي وأبي داود والحاكم وابن ماجه وأسندوها إلى جماعة من خيار الصحابة كعلي (ع) وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وطلحة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وغيرهم ممن سمعوا الرسول يردد حديث مهدي أهل البيت بين الحين والآخر حسب المناسبات.

ففي صحيح الترمذي أن النبي (ص) قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

وفي مسند أحمد بن حنبل عنه أنه قال (ص): لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

ويعتقد ابن تيمية بصحة الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي (ص) وجاء فيه: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلاً كما كلئت جوراً وذلك هو المهدي. وفي حديث له (ص): المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة.

وفي رواية عن حذيفة اليمان أن رسول الله (ص) قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يبايع له الناس بين الركن والمقام يردّ الله به الدين ولا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا لإله إلا الله، فقام إليه سلمان الفارسي وقال له: يا رسول الله من أي ولدك هو؟ فقال من ولد ابني هذا وضرب بيده على كتف الحسين.

وفي رواية أخري تنتهي بسندها إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال: إن علي بن أبي طالب إمام أمتي وخليفتي عليها من بعدي ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، والذي بعثني بالحق بالحق بشيراً ونذيرأً إن الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبدالله الأنصاري وقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ قال: أي وربِّي وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إن هذا الأمر سر من سر الله مطوي عن عباد الله فإياك والشك فيه فإن الشك في أمر الله كفر. إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي بشرت بمهدي أهل البيت.

(أ) مقدمة:

سبق وأن قلنا ان الإمامين الهادي والعسكري(عليهما السلام) خططا لمرحلة غيبة الإمام المنتظر وبالذات والده الإمام العسكري فكان يعتزل الناس ويدفع بالوكلاء لاستلام المهام ضمن دورة تربوية هادفة حتى أن ولادة الإمام المهدي كانت مخفية عن الكثيرين. .

والسؤال المطروح لماذا الإخفاء ؟ ولماذا الغيبة؟ وحينما نفهم الظروف السياسية المحيطة بالأئمة عموماً وبالذات بالإمام العسكري يتوضح لنا الجواب فقد كانت السلطة تلاحق الأئمة في كل مكان ـ كما مر معنا في قراءتنا السريعة لحياة أئمة أهل البيت ـ فكل الأئمة كانوا يلاحقون ويطاردون وأكثر من ذلك إن اتباعهم وأشياعهم على نفس المنوال حيث المطاردة والاعتقال والتعذيب والنفي ومن المؤكد أن هنالك أسباباً داعية لهذا التصرف وكلها تتمحور حول المصالح السياسية لأن الأئمة حينما سُلبوا موقعهم القيادي للأمة أي نافسوهم على سلطانهم الإلهي وأبعدوهم عن المسرح السياسي حينذاك صعد الممثلون المزيفون ليمارسوا الدور القيادي في الأمة الإسلامية ظلماً وعدواناً. . كل هذا العدوان أثر على قيادة الأئمة السياسية مما لا شك فيه ولكن الأئمة بقوا في موقعهم القيادي للأمة ـ روحاً ومعنىً ـ فهم خلفاء الرسول الأكرم وهم القادة والأئمة للمسلمين قلباً وروحاً ـ وكما مر معنا ـ فهم مراجع الفكر الإسلامي والثقافية الواعية وهم حماة الدين والمجتمع ـ هذا من جانب. . ومن جانب آخر نلاحظ إجماع المسلمين على أن النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده أكدوا على ظهور إمام من أهل البيت بعد غيبته عن الأنظار ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً. . وفي هذا الصدد أحاديث كثيرة جداً عن النبي (صلى الله عليه وآله) من الفريقين وكذلك عن الأئمة(عليهم السلام) منها:

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) (لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدواناً ثم يخرج رجل من عترتي فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً) وقوله(صلى الله عليه وآله) (لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).

وقال الإمام علي(عليه السلام) (. . . بمهدينا نقطع الحجج فهو خاتم الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور. . . ).

وهكذا فإنه لو ظهر الإمام المهدي سيقطع دابر حكم المعتدين وتنتهي أسطورة الظالمين المتسلطين ومر معنا أيضاً أن بعض الخلفاء والولاة كانوا يعترفون علناً بأنهم قد غصبوا حق الخلافة من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) واستولوا على الموقع القيادي لذلك كرسوا جهودهم لتصفية الأئمة والإمام المنتظر بالذات لوجود تلك الأرضية والأحاديث والروايات التي أو جدت ثقافة معينة في وسط الناس بأن الإمام المنتظر سيصفي حسابات الطغاة وينهي وجودهم بأمر الله تعالى فلذلك اجتهدوا في تصفية الإمام المهدي بالضبط كما أراد فرعون وزمرته المتسلطة أن يقضوا على النبي موسى(عليه السلام) قال تعالى:

(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون). [سورة التوبة: الآية 32].

ويقدم لنا الإمام الصادق(عليه السلام) تحليلاً في أمر الإمام المهدي وإخفاء ولادته بقوله: (أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفاً وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ الله تبارك وتعالى إياه، كذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول(صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى القائم ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحدٍ من الظلمة(إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون) فقد طاردوا الجواري في المنازل والدور تفتيشاً عن الإمام المهدي حتى حفظوا جارية توهموا انها حامل به مدة سنتين أو أكثر تحت الرقابة النسائية. ولكن دون جدوى لأن الإمام محفوظ في عين الله كما قال سبحانه(ولتصنع على عيني). [سورة طه: الآية 39].

(ب) إخفاء ولادته:

لما سبق عرفنا ضرورة إخفاء ولادة الإمام المهدي وضرورة تضييع اسم والدته وبهذه الطريقة استطاع الإمام العسكري أن يربك النظام ويجعله غير قادر على تشخيص الإمام المهدي أو تشخيص أمه بالذات. . فحينما قيل لعثمان بن سعيد ما الاسم قال: إياك أن تبحث عن هذا فإن عند القوم أن هذا النسل قد انقطع وقوله. . . وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك.

قال المفيد ولم يخلف ولم يخلف أبوه ولداً ظاهراً ولا باطناً غيره وخلفه غائباً متستراً وكانت سنه عند وفاة أبيه خمس سنين أتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين وآتاه الله الحكمة كما آتاها يحيى صبياً وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى ابن مريم في المهد نبياً وعمره إلى يومنا هذا

أما أمه فهي رومية تدعى سوسن ونرجس وريحانه وصقيله ولعلها كانت تعرف بين أفراد عائلة الإمام بنرجس

وفي رواية أخرى أن اسمها الأصلي مليكه.

وهذا الاختلاف في اسم أم الإمام له بعده الأمني حيث أنها ستضيع أمام أعين المتسلطين فكان الإمام يكتفي بإعلام الخواص عن حاله وعن ولادة الإمام المهدي وإمامته فكان يشير للمخلصين من أصحابه بذلك، عن محمد بن عثمان العمري (قدس سره) قال: سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي (العسكري) وأنا عنده ـ من الحجة والإمام بعدك ؟

فقال: ابني محمد وهو الإمام والحجة بعدي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية أما أن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقّاتون ثم يخرج(81).

فإذن استطاع الإمام العسكري بخطته هذه أن يحافظ على الإمام المهدي من العدوان وأن يبين لخواصه القيادة الشرعية لكي تتجنب الأمة أنواع الحكام المزيفين والسلطة الجائرة أو وعاظ السلاطين ومحبي الرئاسة والتسلط أمثال جعفر بن علي وهو أخو الإمام العسكري حيث ادعى الإمامة زوراً بعد أخيه الحسن.

(ج) الإدارة الناجحة:

اتبع الإمام أسلوب الوكلاء في الإدارة حيث أن الإمامين الهادي والعسكري(عليهما السلام) مهّدا للعقيدة بالإمام الغائب ـ كما قلنا ـ وصعّدا من تلامذتهم المخلصين لإدارة شؤون الأمة فقهياً ومالياً وسياسياً وقد مر معنا ذلك فكانت الأمة الإسلامية مستعدة لهذه الحالة الجديدة وهي حالة غياب الإمام الأصل وربط الأمور بيد الوكلاء بل كانت أمنية الناس المؤمنين أن يبقى الإمام بعيداً عن متناول السلطة الحاكمة في حالة الأمن والسلامة ويرتبطون به شكل خفي وبالفعل كانوا يراجعون الوكلاء بشكلٍ طبيعي ولذلك عين الوكلاء الأربعة المتتالين لإدارة الأمة في مرحلة انتقالية هي مرحلة الغيبة الصغرى تمهيداً لوضع أسس الوكالة الشرعية العامة للإمام، في فترة الغيبة الكبرى، المهم في الغيبة الصغرى كان يظهر الإمام لخواصه ووكلائه وكانت تظهر تواقيعه على كتبه ورسائله لحل المعضلات الفقهية والاجتماعية. . واستمر الأمر هكذا حتى عصر الغيبة الكبرى.

(د) الغيبة الصغرى:

نعتبرها مرحلة انتقالية لتهيئة الأجواء النفسية والاجتماعية لتقبل مرحلة الغيبة الكبرى فكان الوكلاء في الغيبة الصغرى هم الوكلاء الخاصّون وضمن فترات زمنية متتالية فكان التعيين من قبل الإمام لهم وهم:

1ـ عثمان بن سعيد العمري

2ـ محمد بن عثمان العمري

3ـ الحسين بن روح

4ـ علي بن محمد السمري ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ.

وكان هؤلاء الوكلاء في بغداد عاشوا ودفنوا فيها وهذا التحول من سامراء حيث بيت الإمام العسكري إلى بغداد هو بحد ذاته كان جيداً من الناحية الأمنية فقد تحول الاتصال مع الناس إلى بغداد بدلاً عن سامراء ـ حيث الوكلاء الخاصون في بغداد ـ واستمرت الغيبة الصغرى تسعاً وستين عاماً وستة أشهر وخمسة عشر يوماً وعمر الإمام آنذاك أربع وسبعون عاماً.

(هـ) الغيبة الكبرى:

ترك لنا الإمام المهدي (عج) أسساً وقيماً علمية وإيمانية معينة تؤهل الشخص بشروط خاصة لوكالة الإمام العامة وما نسميه اليوم بالعلماء المراجع فهم قادة الأمة بالوكالة العامة عن الإمام المهدي وتبقى هذه القيادة بامتيازاتها الفريدة هي الممثل الشرعي لخلافة الرسول والأئمة(عليهم السلام) فهي تمتاز بالشرعية في زمن الغيبة الكبرى وحتى قيام دولة المهدي فعن الإمام العسكري (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه. . . )

فمراجع التقليد ـ اليوم ـ هم الامتداد الطبيعي للقيادة الشرعية فهم يملكون حق الولاية على المسلمين بالنيابة العامة وتستمر هذه القيادة المحصنة بالشروط الإجمالية الأربعة في الرواية الماضية وروايات أخرى كذلك في هذا الصدد وإلى أن تقوم حكومة المهدي ـ جعلنا الله من أنصاره وأتباعه ـ. . .

وبهذا استطعنا أن نغطي مساحة من الحديث عن الأئمة(عليهم السلام) كركيزة رابعة من ركائز العقيدة الإسلامية المباركة وإن كانت هذه التغطية غير شاملة ولكني أراها بالحجم المناسب لهذه الرسالة العقائدية. . وألفت الانتباه إلى أهمية النقطة الأخيرة وهي قيادة المراجع ـ لأنها مسألة مصيرية وبحاجة إلى حديث وافي نحيله إلى وقته المناسب ـ في إطاعتهم إطاعة تامة في العبادات والمعاملات وقضايا التحرك والجهاد والإصلاح وهذا على مجمله نرجو أن يكون نافعاً.