6 محرم الحرام 1432 - 12/12/2010
بقلم : حامد الحمراني
سفارة الامام الحسين(عليه السلام) لمسلم ابن عقيل (عليه السلام)لم تخضع لضوابط المحاصصة والتوافقات السياسية واجندات دول الجوار ، فليس فيها مغانم مادية او تجميع للثروة او الانحياز لفئة معينة؛ وانما هي تاسيس لحكومة الحسين (عليه السلام)التي ستُزرع في النفوس النقية وسيدعمها اصحاب الضمائر الحية فيما بعد ، ويقف ضد مشروعها طواغيت الارض الى ابد الابدين .
فسفارة ابن عقيل عليه السلام مواجهة للطواغيت ومحاكمتهم في قصورهم الرئاسية ، وهي موت محقق كمقدمة طبيعية لما سيتعرض اليه إمام الثوار واصحابه في واقعة الطف.
والكوفيون اجتمعوا تترا حول سفير الحسين عليه السلام وكادوا ان ينهوا حكم ابن زياد، وينهو بذلك سلطات الاميون الانتقالية التي اكد بندها الاول في دستورها المؤقت على الرجوع الى (هبل) ، وكاد الثوار ان ينهو هذه المهزلة ويزيحوا عن وجه التاريخ وساخة الانحراف لولا وعاظ السلاطين واعلامهم المزيف وارهاب الناس البسطاء.
فقد اعلن عبيد الله ابن زياد لعنه الله بعد قدومه من الشام في بيانه الاول عن منع الحصة التموينية عن عوائل الكوفيين ان هم وقفوا مع مسلم ابن عقيل، واعتقل كبرائهم وشيوخ عشائرهم ، وخّوفهم بقدوم جيش يزيد ابن معاوية الى الكوفة مصحوبا بالسيوف الكاتمة والخيل المفخخة والعبوات اللاصقة والتي سيتم تفجيرها في اسواقهم ومدارس اطفالهم .
والناس يحبون الحق ويتعاطفون مع المصلحين ولكنهم يشترطون ان ياتيهم الانتصار بلا ثمن ولا مقاومة ولا تضحية .
فكم كتب الكوفيون الى الامام الحسين (عليه السلام)من الرسائل ان اقدم ، لكن عندما جد الجد لم يأوي سفيره سوى امرأة رائعة اسمها ( طوعه ) .
والطغاة يكممون الافواه ويسمون ذلك أمن ، ويقتلون معارضيهم حفاظا على الاقتصاد القومي ، ويتهمون المصلحين بتفريق الناس والعبث بوحدتهم الكاذبة .
فقد قال الطاغية عبيد الله ابن زياد ابن ( ما اعرف منو ) إلى مسلم (عليه السلام)؛ أتيت الناس وهم جمع، شتتَ بينهم، وفرقت كلمتهم، وحملت بعضهم على بعض.
هكذا تشبث الطاغية بالأمن شأن كل الطغاة في التاريخ، ولكن مسلماً قال:كلا.. لستُ لذلك أتيتُ، ولكن أباك قتل خيارهم، وسفك دماءهم، وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى الكتاب. هل كانت مجزرة الطف التي ابتدئت بمسلم ابن عقيل بعيدة عن معرفة النبي الاكرم وآله الاطهار؟ قال الإمام علي (عليه السلام) لرسول الله ( صلى الله عليه واله ) : ( يا رسول الله إنّك لتحبّ عقيلاً ) ؟ قال : ( أي والله إنّي لأحبّه حُبَّين ، حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالب له ، وإن ولده مقتول – ويقصد بذلك مسلم – في محبّة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون ) . ثمّ بكى الرسول الاعظم حتّى جرت دموعه على صدره ، ثمّ قال : ( إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي ).