17 ربيع الأول 1433 - 10/02/2012
يقول الكاتب طه النعمان "من بين الكتب القليلة التي تيسر حملها من القاهرة مع محاذرة «الوزن الزائد» الذي بات يكلف المسافر فوق طاقته كان كتاب «حياة محمد» للمستشرق الفرنسي أميل در منغم «1892-1971» الصادر ضمن سلسلة «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، والذي قام على نقله إلى العربية محمد عادل زعتر، ذلك الكتاب الذي استحوذ على جل أوقات فراغي واقتطع وقتاً عزيزاً من ساعات راحتي، ألهث بين سطوره المضيئة التي انتصفت للحق بقلم كاتب ومفكر غير مسلم".
ويؤكد النعمان إن "الكاتب المستشرق رأى «الحق أوجب أن يتبع» في وقت تكالب الجهلة والغوغاء في الغرب على سيرة الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، بالإساءة والتجريح والتسفيه"، مبينا إن "الكتاب يقدم وجهة نظر «استشراقية» أمينة لحياة الرسول الكريم تتسم بالموضوعية والعمق وتجلو صفحات ناصعة من حياته صلى الله عليه وسلم ويرصد بدايات ظهور الدعوة وما مرت به من أطوار عبر تاريخها العظيم ويدعونا لإعادة النظر فيما كتبه المستشرقون بعقل مفتوح والتميز بين الغث والسمين، وربما تكمن أهمية در منغم، وهو يتناول السيرة النبوية في طبيعة تخصصه كأستاذ في تاريخ الديانة المسيحية ولاهوتها وفلسفتها، ما قاده إلى دراسة دعائم الإسلام وأصوله".
ويقول طه النعمان "شاءت الصدف أن يتزامن اطلاعي على كتاب «حياة محمد»، الذي يحمل نفس عنوان كتاب د. محمد حسنين هيكل الشهير شاء أن يتزامن مع حلول ذكرى مولد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في 12 ربيع أول من كل عام. مثلما شاءت تلك الصدف أن يتطابق اسم «الربيع» لذلك الشهر وعلى ما نعيشه هذه الأيام من نهوض ثوري ديمقراطي في المنطقة تواضع الإعلام على وصفه بـ«الربيع العربي» أطاح ببعض حكام المنطقة العربية المعمرين الأوابد، ومنهم «من قضى نحبه ومنهم من ينتظر» وإن بدلوا تبديلا، وكان ذلك كله مما حفزني لأن أعرض بعض ما جاء في ذلك السفر القيم، خصوصاً ما يتصل منه بما نحن فيه من ذكرى ربيع الأول، وواقع الربيع العربي في أرض النبوة التي كان أعظم «ربائعها» وهو الرسالة الخالدة لأفضل البشر".
من بين فصول الكتاب يختار النعمان الفصل السابع فيقول "اخترت الفصل السابع من كتاب در منغم الذي يحمل عنوان «البعث»، وقدمت له تلخيصاً موجزاً، ووضعت له عنواناً آخر هو «في معنى الثورة والمحافظة الرجعية» كاستجابة لحظية لخاطرة ألقتها في روعي كلمات المؤلف وما انطوت عليه من إيحاءات، وهو ما دفعني لاحقاً لأن أضمنها عنوان «الإضاءة»"، مشيرا الى "تميز الفصل السابع ارتكز على الوقائع التي أوردتها كتب السيرة وفي مقدمتها طبعاً سيرة «ابن هشام»، ووظفها لإبراز الجدل الدائر بين النبي «الثائر» على مواريث قومه وجاهليتهم، وبين استمساك أولئك القوم بقديمهم وحربهم الرجعية على كل محاولة للمساس بمقدساتهم المعهودة، وهو الجدل الذي يعكس الصراع الأزلي بين «الجديد» الساعي للتغيير و«القديم» الذي يجتهد في التشبث بما هو موجود ولسان حاله يردد «ليس في الإمكان أفضل مما كان»".