3 صفر 1433 - 28/12/2011
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع/ بيروت
تأليف: حبيب الله طاهري
إعداد/ علي حسين
تعدّ الأسرة هي النواة الرئيسية لبناء المجتمع الإنساني، وتتوقف عليها نجاحه أو فشله لأنها أول مشروع إلهي على الكرة الأرضية أو لنسميها معملاً لإنتاج القيم والأخلاق التي يتميز بها المجتمع الناجح.
وقد شرّف الإسلام هذا المشروع الحيوي وأكد على أهمية الحفاظ عليه، ومع ذلك فلكل مشروع مشاكل أو عواقب تعترض طريقه عندما يريد تحقيق أهدافه المنشودة، وفي نفس الوقت فإن الإسلام من خلال الأحاديث النبوية الشريفة وسيرة الرسول الكريم وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد وضع الحلول الكفيلة بتخطي كل أنواع العقبات التي تواجه بناء الأسرة المؤمنة السعيدة.
ويناقش الكاتب (حبيب الله طاهري) في كتابه الموسوم بعنوان (مشاكل الأسرة وطرق حلها) الكثير من المواضيع المفيدة والتي تستند على أحكام وتعاليم الإسلام، ومحاولة دراسة وتوضيح وجهات نظر الدين الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بتكوين الأسرة والحقوق والواجبات المترتبة عليها، وكيفية مواجهة الصعوبات وإنقاذ كيان الأسرة من "التحلل والتفتت" كما أشار إلى ذلك الكاتب في مقدمته بأنّ "هنالك الكثير من العوامل المؤثرة التي ظهرت خلال القرن العشرين وأثرت بشكل كبير على بناء الأسر وكانت سبباً في انهيار بعضها".
ويقسّم الكاتب (طاهري) كتابه إلى 22 درساً، وتناول في الدرس الأول (تعريف الأسرة) بحيث عرفها كل فرد من ذوي الاختصاص بشكل معين ومنها (الأسرة هي عبارة عن خلية اجتماعية تتكون نتيجة زواج امرأة برجل، ويكملهما الأبناء الذين يكونون ثمرة الزواج) وكذلك (الأسرة هي عبارة عن جماعة تتآلف فيما بينها في الأمور الحقوقية والاجتماعية نتيجة صلة القرابة أو رابطة الزوجية وتنضوي تحت لواء رئيس يدعى رب الأسرة).
بينما يتناول في درسه الثاني (القرآن وحكم تكوين الأسرة) مبيناً بأن "القرآن الكريم أورد أحكاماً وتعاليم تتعلق بالزواج وتكوين الأسرة وأسلوب الحياة وكيفية التعامل بين الزوجين وبالأخص معاملة الزوج للزوجة".
وتتمثل أحكام القرآن الكريم في آياته عن الزواج وضرورته وهي (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (سورة النور – 32)، فضلاً عن الكثير من الآيات القرآنية التي بينت هذا الجانب المهم.
وفي الدرس الثالث يبين الكاتب، (روايات وأحكام تشكيل الأسرة)، حيث وردت الكثير من الأحاديث النبوية وروايات أهل البيت (عليهم السلام) في مدح الزواج والحث عليه وذم حياة العزوبية، ومنها قول الإمام أبي جعفر الصادق عن النبي الكريم (ص): "ما بني بناء في الإسلام أحب إلى الله عزّ وجل من التزويج".
وتناول الدرس الرابع، (الأهمية الاجتماعية والأخلاقية للأسرة)، كما وتناولت الدروس (5، 6، 7) دور المرأة ومكانتها في الإسلام وكذلك في أوربا، وبعد ذلك يتطرق الكاتب في الدرس الثامن إلى (دور الاستعمار في تفكك الأسرة) مبيناً بأن "دفاع الاستعمار عن حقوق المرأة وحريتها والمساواة بين الرجل والمرأة وما أسماه بإنقاذ المرأة من معاناتها وإعادة حياء شخصيتها وغير تلك المدعيات هي وسائل لتحقيق أغراض شريرة مستهدفاً بذلك أساس الأسرة والنظام الأسري".
وفي الدرس التاسع يتطرق الكاتب إلى موضوع مهم جداً وهو (أهداف الزواج) موضحاً بأنّ الزواج في الفكر الإلهي "علاقة مقدسة ورباط متين وحسب التعبير القرآني فهو ميثاق غليظ.
وقال تعالى في سورة النساء (21): "وكيف تأخذونه وقد أقضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظا".
وتناولت دروس الكتاب من (10-14)، حقوق الزوج والزوجة والواجبات الموضوعة على كليهما، ومن ثم التعرض إلى أهمية الأبناء وواجبات الوالدين اتجاههما وكذلك واجبات الأبناء اتجاه الوالدين وكيف أقرها الإسلام من خلال الآيات الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
ويستعرض الكاتب في درسه الخامس عشر (الأسباب التي تؤدي إلى استحكام بناء الأسرة)، مؤكداً بأن "الأسرة ينبغي أن تكون ذات أسس متينة تكون عاملاً لثباتها واستقرارها وطمأنينتها، ويجب أن لا تؤثر الأذواق المختلفة على تربية الجيل الجديد، وكما يجب المحافظة على كيان الأسرة من التزلزل.
أما الدرس السادس عشر فقد تطرق إلى (عوامل انهيار الأسرة)، حيث هنالك عدد من العوامل التي تؤثر في حالة نقصها إلى الانهيار الأسري والذي بالتالي يهدد بانهيار المجتمع، ومن هذه العوامل (العامل الديني، العامل الاجتماعي، العامل السياسي، العامل الثقافي، العامل الاقتصادي، العامل النفسي أو العاطفي، وأخيراً الالتزام بالعادات والتقاليد)، مؤكداً في نفس الوقت بأن على الزوجين أن "يهتما بقضية التناسب الفكري".
وفي الدرس السابع عشر يتطرق الكاتب إلى موضوع حساس وهو (النشوز) من قبل المرأة والرجل وأسباب ذلك، والذي يعد أحد أسباب انفصال المرأة عن الرجل، وما يسمى بـ (الطلاق) وهو أبغض الحلال عند الله، والذي تناول موضوعه الكاتب في الدرس الثامن عشر.
بعد ذلك تظهر أهمية (الوصية في الأسرة) وذلك في الدرس التاسع عشر، ويقول فيها الكاتب بأنه "لعل البعض يفزع من موضوع الوصية ويفكر بأنها تعجل في الموت والذهاب إلى العالم في الوقت الذي تعتبر الوصية دليلاً على الاعتقاد الراسخ بعد الموت ويوم المعاد ودليلاً على فك قيد الغفلة من عنق المرء".
وفي الدرس العشرين هنالك موضوع (الأسرة في الآخرة)، وبأن كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية في الدنيا لا وجود له في الآخرة لأن المر يجد في الآخرة ثمار عمل في الدنيا، قال تعالى في سورة المزمل/ 20: "كل امرئٍ بما كسب رهين".
وفي الدرسين الأخيرين (21 – 22)، يبين الكاتب (طاهري) مسألة تعدد الزواج وكذلك الزواج المؤقت، ويظهر فيهما بشرح مطوّل هذين المسألتين المهمتين وكيفية التوفيق خاصة عند الرجل عندما يتزوج امرأة أخرى، وكذلك واجبات وحقوق المرأة والرجل.
وفي الختام، تبقى الأسرة هي عماد المجتمع وعلى كل من الرجل والمرأة تفهم كيفية الحفاظ على أسرته وتحدي المشاكل التي تعترضها، وأن يحتوي أحدهما الآخر لدوام وصلاح الأمة بأجمعها.