9 شعبان المعظم 1432 - 11/07/2011
بمناسبة الحوار الوطني المنعقد في البحرين وجّهت مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية رسالة إلى ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى تدعو فيها إلى إلغاء الأحكام الجائرة وإطلاق سراح سجناء الرأي والمصالحة الحقيقة واعتبار القتلى شهداء الوطن ورد الاعتبار للمتضرّرين من مختلف الطبقات وعلى الخصوص أساتذة الجامعات والأطباء وعلماء الدين كمقدمة لحسن النوايا.
كما دعت الرسالة إلى انسحاب كافة القوات العسكرية (غير البحرينية) باعتبارها تمثل عنصر استفزاز لغالبية الشعب البحريني، واعتبرت الرسالة ان أزمة البحرين يمكن أن تحل عبر حكمة الرجال الصادقين في حل المشاكل والأزمات، المتسامحين مع أبناء شعبهم بأسلوب العدل والإنصاف وعدم التمييز وبالاعتماد على حسن النوايا والثقة المتبادلة.
وفيما يلي نص الرسالة:
جاءت دعوتكم للحوار الوطني مع المعارضة البحرينية كحل لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي بدأت تعصف بها مؤخراً، وهو ما رحّبت به المعارضة انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على سيادة الوطن ووحدة أبناءه وسد الطريق لمن يحاول إذلال أبناء الشعب البحريني ومصادرة حرياته عبر التدخل السافر في شؤونه الداخلية بحجة إعادة فرض الأمن والاستقرار وبدوافع طائفية.
وقد جاءت مشاركة المعارضة في الحوار رغبةً منها في الحلول السلمية عبر الحوار كأسلوب حضاري تؤكد عليه الشريعة السمحاء وجميع المواثيق والأعراف الدولية وعدم انتهاج العنف لعدم إيمانها بهذه الوسيلة في الوصول إلى الإصلاح الشامل الذي يضمن للجميع حقوقهم كمواطنين بحرينيين، وبذلك وافقوا على الحوار الذي دعوتم إليه كبادرة حسن نيّة منهم في حل جميع المشاكل العالقة دون الاستعانة بأي طرف خارجي يحاول استغلال المطالب المشروعة كذريعة بفرض أجندته السياسية أو العسكرية على أبناء هذا الشعب المسالم.
غير ان ما يقلق في الأمر وينكأ الجروح هو محاولة خلط الأوراق وتسويف الحوار بطريقة لن تفضي إلى نتيجة محمودة العواقب، فبرغم ثقتنا على أنكم تفضّلون الحوار لتجنيب بلدكم وشعبكم الآلام والمحن، إلاّ أن الأيام التي تقدّمت منذ بدء الحوار لا تشير إلى تقدّم ملموس في هذا الاتجاه، بل إن بعض الجهات التي التزمت الدعوات أخطأت في أسلوب التعامل مع الأحداث على النحو الآتي:
أولاً: قامت بملاحقة جميع الشخصيات الوطنية التي قادة التظاهرات وإيداعهم في السجون، فبدل إلغاء الأحكام الجائرة وإطلاق سراح السجناء وإعادة الاعتبار تمهيداً للحوار الحقيقي كان التبعيض في الدعوات منهجاً واضحاً.
ثانياً: توجيه دعوات الحوار إلى بعض الجهات المعارضة وليس لجميع الجهات المطالبة بالإصلاحات السياسية، وبدل أن تدعو المعارضة الحقيقة الممثّلة لنبض الشارع المقهور وتتفاوض معهم استخدمت أسلوب المهرجان الخطابي ودعت من تطمئن إليه في تأييد الدولة وتساند مقترحاتها. ثالثاً: اعتمدت خطاب تصعيدي استفزازي يمجّد بالقوات المسلحة (غير البحرينية) التي انتهكت جميع القوانين والأعراف الإسلامية والإنسانية ضد المواطنين (بحسب منظمات حقوقية عالمية) وقامت تتوعد أي تحرّك شعبي بإجراء عسكري رادع معتبرةً إن ما فعلته هذه القوات هو نصر على الأعداء، وبدل أن تهدّأ من الخطاب المتشنج بقي الإعلام يشهّر ويتوعّد بمن يطالب بحقوقه ويصفهم بشتى الأوصاف.
رابعاً: أطلقت يد القوات الأمنية على رقاب المواطنين حتى في مجالات العمل، أضف إلى ذلك الاستمرار بفرض حالة من القمع البوليسي على الشارع وتصعيد الموقف ميدانياً.
وهنا نتساءل وبشكل واضح، كيف يمكن للمعارضة أن تشارك الحوار وهي في السجون، وكيف يمكن لها إبداء الرأي وهي لاترى آثار الحرية الحقيقية والديمقراطية، بحيث لا يمكن الاعتقاد بحقيقة الحوار والمظاهرات السلمية في أغلب المدن والقرى.
إننا نتطلّع إلى إلغاء الأحكام الصادرة في المحاكم وإطلاق سراح كافة السجناء واعتبار جميع الذين قتلوا في الأحداث شهداء للوطن والمصالحة العامة مع جميع ممثلي شرائح المجتمع وردّ الاعتبار للمتضرّرين من مختلف الطبقات وعلى الخصوص أساتذة الجامعات والأطباء وعلماء الدين كمقدمة لحسن النوايا من قبل الذين يدعون انهم ملتزمون بالحوار.
إن أي حوار حقيقي لابد أن تكون له مقدّمات صادقة تمثل حسن النية من قبل الطرف الذي يدعو إليه، ومن أهم هذه المقدمات:
1- انسحاب كافة القوات العسكرية (غير البحرينية) لأنها تمثل عنصر استفزاز لغالبية الشعب البحريني.
2- أن يكون الحوار شأن داخلي بحيث لا يستعين أي طرف بأطراف خارجية لأن ذلك سوف يؤدّي للتدخل السافر في شؤون البلاد.
3- إلغاء الأحكام الصادرة مؤخراً بحق جميع الذين شاركوا في التظاهرات المطالبة بالإصلاح.
4- إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفيات سياسية.
إن بلدكم اليوم هو أحوج ما يكون إلى حكمة الرجال الصادقين في حل المشاكل والأزمات، المتسامحين مع أبناء شعبهم والمعتمدين أسلوب العدل والإنصاف وعدم التمييز على أي اعتبار كان، فتحقيق الإصلاح ليست بمهمة مستحيلة إذا تم بناؤها على حسن النوايا والثقة المتبادلة.