5 شعبان المعظم 1431 - 19/07/2010
زار وفد من منطقة سيهات بالمنطقة الشرقية، ومن دولة الكويت كان منهم وفد من مؤسسة الرضوان الشبابية، سماحة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، بعدما انتهوا من اداء زيارة كريمة أهل البيت سيدتنا فاطمة المعصومة سلام الله عليها وذلك يوم الخميس الموافق للثالث من شهر شعبان المعظّم 1431 للهجرة، فرحّب سماحته بهم، ودعا الله تعالى لهم بقبول الأعمال والطاعات والزيارات.
بعدها استمعوا إلى كلمة حجّة الإسلام والمسلمين فضيلة السيد جعفر الشيرازي دام عزّه التي استهلها بالآية الكريمة التالية: «وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ»، وقال:
إن الله تعالى حينما يختار أحداً لتبليغ رسالته فإنه تعالى يختار شخصاً كاملاً من كل الجهات. ولذا فإن النبوّة اصطفاء من الله سبحانه، ولذا يمكن القول بأنه:
أولاً: إن مقام النبوّة لا يمكن لأحد أن يصل إليه لأنه اصطفاء من الله.
ثانياً: إن الله سبحانه يبلو ويختبر الأنبياء باختبار يناسب مقامهم لتظهر حقيقتهم ويظهر جوهرهم. فالأنبياء هم أشدّ الناس بلاء، كما في الحديث الشريف عن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «أن أشدّ الناس بلاء النبيّيون ثم الوصيّيون ثم الأمثل فالأمثل، وإنما يُبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صحّ دينه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه». وكلما كان مستوى الإنسان رفيعاً كان امتحانه واختباره بما يناسب مستواه، وبما أوتي من العقل.
وقال: إن الله اختبر ابراهيم بأشدّ وأنواع البلاء، وبعدما نجح ابراهيم خاطبه الله تعالى: «إنّي جاعلك للناس إماماً». وهذا يدلّ على أن الإمامة أعلى رتبة من النبوّة، ولذلك كان بعض الأنبياء أئمة وليس كلّهم. ولعِظَم رتبة الإمامة رغب النبي ابراهيم عليه وعلى نبيّنا وآله الصلاة والسلام بأن تكون الإمامة في ذريّته أيضاً. فمن طبيعة الإنسان أنه إذا وصله الخير فإنه يحبّ أن يصل ذلك الخير إلى ذريّته أيضاً. فجاءه الخطاب من الله تعالى: «لاينال عهدي الظالمين». وهذا معناه إن الإمامة عهد من الله، وأنها بالتعيين من الله تعالى أيضاً.
وأضاف: إن الناس يمكنهم معرفة أن هذا النبي نبي ومرسل من قبل الله وذلك بالمعجزة التي جعلها الله للأنبياء، وأما بالنسبة للإمام فإن ما يعرّف الناس على الإمام ويدلّيهم عليه هو أن لا يكون الإمام ظالماً بتاتاً، سواء لنفسه أو لغيره. فمعاوية لعنة الله عليه لا يصحّ ولا يمكن أبداً أن يكون إماماً وهو مليء بالظلم والإجرام والإفساد والفساد.
وحول اختبار الأنبياء والأوصياء والأولياء وامتحانهم من قبل الله تعالى قال السيد جعفر الشيرازي: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشدّ الأنبياء بلاء وذلك ليتبيّن أنه أشرف الأنبياء وأفضلهم، بل وأنه أشرف الكائنات وأفضلهم. وكذلك كان الأئمة الأطهار من أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم. أي انهم تعرّضوا لأشدّ البلاء والاختبار. فلقد لاقى الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بلاء كثيراً من بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى يومك هذا، ومنها ـ والعياذ بالله ـ سبّه وشتمه صلوات الله عليه على المنابر في زمن حكومة سلاطين بني أمية، وحتى في يومنا هذا، حيث نرى الوهابييون ـ وهم على خطى الأمويين ـ يفعلون فعلة الأمويين نفسها ولكن بأسلوب آخر حيث يحاولون جاهدين وبكل الوسائل نفي فضائل الإمام صلوات الله عليه، وبالمقابل تراهم يقدّسون ويعظّمون عائشة لأنها حاربت الإمام صلوات الله عليه، ولايعظّمون باقي نساء النبي صلى الله عليه وآله لأنهن لم يحاربن الإمام عليّ صلوات الله عليه.
وأردف فضيلته: كما ان الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم تعرّضوا للبلاء والاختبار، فإن شيعتهم ومحبّيهم ومواليهم وأتباعهم أيضاً يتعرّضون للبلاء والاختبار. فالجنة ثمنها غال، ومن يريد الجنة عليه أن يتحمّل الأذى والصعوبات والابتلاءات بالدنيا.
إن الإمام الحسين صلوات الله عليه ـ ونحن في ذكرى ميلاده الشريف ـ أراد الله تعالى أن يعطيه مقاماً عظيماً وفضائل عظيمة لا نظير لها، فلذا تعرّض الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه لأشدّ البلاء والامتحان، بل وأصعبها.
وأكّد فضيلته: إذا أراد أتباع أهل البيت صلوات الله عليهم الجنّة فعليهم أن يصبروا على الطاعات وعلى ترك الشهوات وترك المحرّمات، وعلى تحمّل الأذى والصعوبات والابتلاءات في الدنيا، وعليهم أن يجتازوا ذلك كله حتى ينالوا المقام الرفيع في الآخرة وهو الجنة. وأنتم أيها الزائرون الكرام عند زياراتكم لأهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم توسّلوا بهم إلى الله تعالى للتتوفيق إلى ذلك.