3 جمادى الآخرة 1431 - 17/05/2010
سيرة عطرة معطاء خلدها التـأريخ الذي أبيضت صفحاته بروائع مواقفهم على مختلف الصعد، فكانوا مثالاً للمدافع عن حياض الدين ومبادئ أهل البيت سلام الله عليهم، واليوم شهدت مدينة الامام الحسين سلام الله عليه إقامة المهرجان التأبيني الكبير المنعقد لإحياء ذكرى إستشهاد المفكر الإسلامي آية الله السيد حسن الحسيني الشيرازي وفقيه أهل البيت (عليهم السلام) آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاتهما) والذي أقامته مؤسسة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
شهد المهرجان التأبيني حضوراً جماهيرياً كبيراً كذلك حضور شخصيات دينية وسياسية وممثلي المراجع العظام والحوزات العلمية والمؤسسات والمراكز الإسلامية من مختلف المحافظات.
أفتتح المهرجان الذي تولى عرافته الأستاذ البارع أحمد الموسوي والذي ألقى مقدمة رائعة بحق الفقيدين، بتلاوة معطرة من الذكر الحكيم تلاها الحاج مصطفى المؤذن، وأولى الفقرات كانت كلمة مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله ألقاها سماحة العلامة الشيخ ناصر الأسدي جاء فيها:
أفتتح حديثي بقول الله تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) صدق الله العلي العظيم.
مرة أخرى نجتمع لإحياء ذكرى علمائنا الذين خلدهم التاريخ، نجتمع لنستلهم ولنستفيد من توجيهاتهم وتعليماتهم كما نجتمع دوماً لإحياء مراسيم أئمتنا العظام سلام الله عليهم، وكل أحياءٍ لأية ذكرى معنى ذلك اننا نلتف حول قيم صاحب الذكرى، اللذين جاؤوا الى هذه الدنيا وملكوا ما ملكو الأسكندر المقدوني ملك الدنيا كلها قارون ملك من الاموال ما لا يعد ولا يحصى، لكنهم ذهبوا في الوقت اللذي جاءهم الحتم المكتوب عليهم الذي يمر به كل إنسان شاء أم أبى، نجتمع في هذه الذكرى لكي نحُيي ذكرى عَلمَين جليلين أتفقا على مجموعة قيم حضارية إستتراتيجية لبناء الأمة أولها وفي طليعتها الإخلاص السيد الشهيد حسن الشيرازي رضوان الله تعالى عليه والسيد الرضا الفقيه المقدس رضوان الله تعالى عليه أجمع كل من ألتقى بهما كل من عرفهما من قريب وكل اللذين التقو بهما على حجم أخلاصهما للدين وللمذهب إنني أعرف ومن معلومة دقيقة أتفقوا فيما بينهما في اجتماع خاص لا يعلم خبره الا أخص الخواص أتفقوا على أن يرحلوا عن هذه الدنيا دون أن يتركوا درهما واحدا عاشو من دون ان يملكوا دارا او واسطة نقل من دون أن يعرف احد عن قضايا ومسائل جليلة ومهمة كانوا قد التزموا بها السيد الرضا قدس سره كان حافظا للقرآن الكريم لكن من منا يعرف ذلك طوال حياته ما تخلف عن صلاة الليل في أي ليلة من الليالي وقد ربى أشباله الذين لم يبلغو الحلم على هذه التعاليم، كانوا في قمة الإخلاص في أداء واجباتهم لم ينافسوا أحدا على حُكم أو مال أو منصب أو جاه أو تدريس، أنما عملوا بمنتهى الإخلاص في سبيل الله والقيم والأمة.
كما ألتزموا بالأصالة وهذه صفة هامة عند العلماء الذين يتصدون للاصلاح ولإدارة أمور الأمة، الشهيد الشيرازي في أوائل الستينات كتب كتابه الرائع (الإقتصاد) والذي دُورس هنا في حوزة كربلاء المقدسة في تلك الفترة وأنا كنت ممن درسه ودرسته وهو وما أورع من كتاب، والذي تضمن شرع الإقتصاد الإسلامي والقضاء على الفقر في العالم.
وهذه قضية غاية في الأهمية لأن العالم وأن تحضر وتقدم إلا انه ما زال يعاني من مسألة الفقر بينما في أمبراطورية أمير المؤمنين عليه السلام قضى على هذه المسألة بالتوزيع العادل والتخطيط الناجح للإقتصاد الإسلامي .
وكانوا مثالا للترجمة العملية للقيم الإسلامية السمحاء وبهذا الشأن كتب الفقيه الشيرازي في السبعينات من القرن الماضي كتابه الرائع (إرداة الإنسان فوق التحديات) وكتابه الرائع أيضا (الثقة بالنفس طريق الغد المشرق) وأحاديثه ومحاضراته خير دليل على ذلك، تكلموا للمجتمع بالاسلوب العصري المناسب.
والسؤال هنا ما الذي يلزم علينا تجاه علماؤنا تجاه رموزنا المخلصون الجواب على ذلك كلمة أمير المؤمنين سلام الله عليه (لأن يكونوا عبراً أحب من أن يكونوا مفتخرا) ، ويلزم الاقتداء بالعلماء والسير على نهجهم، طرح أحد المؤمنين سؤالا على السيد المرجع دام ظله كيف نقتدي بالسيد الفقيه وهو علم فأجابه بمقدار ما تستطيعون.
بعد ذلك ألقيت قصيدتان من الشعر الشعبي لخادم الإمام الحسين سلام الله عليه السيد موسى الحيدري أبنتا الفقيدين.
بعدها جاءت كلمة وكيل المرجع الشيرازي دام ظله في السعودية ألقاها فضيلة الشيخ حسن الخويلد: الحقيقة حينما يكون الحديث عن عالمين جليلين أوقفا نفسيهما لله تبارك وتعالى فان الحديث عن العلم والعلماء يزداد حلاوة وأهمية انهم إضافة الى ما هو مطلوب من طالب العام ان يتحصل من التحصيل العلمي وكذلك تحقيق صدق العبودية لله تعالى والورع والتقوى فان هناك خصلتين هامتين لا يحَسن لطالب العلم ان يكون خلوا منهما الاولى الاخلاص والثانية الذود عن حرم اهل البيت عليهم السلام ، فإذا كان لا يُقبل أي عملا الا بالاخلاص واذا كان كما ورد في الحديث الشريف (هلك العالمون كلهم الا العالمون وهلك العالمون كلهم الا العاملون وهلك العالمون كلهم الا المخلصون) .
ان هذين العلمين الجليلين آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي وآية الله الفقيه السيد محمد رضا أعلى الله درجاتهما كانا يتصفان بهذه الخصلة بشكل واضح في سلوكهم وكلماتهم وتدريسهه وكتاباتهم وصبرهم، كيف لا وهما من منهل عذب كله أخلاص ومحبه وإيمان وتقوى، وترجمة ذلك القول والصفات في موسوعة الكلمة للشهيد الشيرازي، وموقفه في أوائل ستينات القرن الماضي حينما توجه الى السعودية مع سماحة آية الله السيد مرتضى القزويني من أجل مناقشة بناء قبور أئمة البقيع وهذا يدل على الحرص والذود عن تراث أهل البيت عليهم السلام، فحري بنا ونحن نستذكر هكذا شخصيات فذة أن نقتدي بها .
بعد ذلك قدمت قصيدة من الشعر العمودي ألقاها الشاعر الحسيني علي حميد الشويلي، أبنت الفقيدين.
ختام المهرجان كان مجلس عزاء حسيني قدمه سماحة الخطيب الحسيني السيد مهدي المنوري والذي أبكى الحضور بمجموعة أبيات رثائية بحق الامام الحسين سلام الله عليه.
إعداد الخبر: رضوان السلامي
عدسة : أسعد حسن