b4b3b2b1
خانات كربلاء المقدسة...مَنازل حُسينية وآثار تأريخية |

خانات كربلاء المقدسة...مَنازل حُسينية وآثار تأريخية

2571

 

20 ربيع الثاني 1431 - 07/04/2010

يقع العراق في منطقة بالغه الاهمية من الناحيتين الجغرافية والتاريخية فألى جانب كونه يمثل مركز الحضارات الانسانية الاولى وموطن الاقوام ودول البابليين والاشوريين وغيرهم فأنه ايضا يقع في قلب منطقة العالم الاسلامي وحضارة امة الاسلام العظيمة حيث شكل في فترات عدة من مراحل التاريخ الاسلامي عاصمة الدولة الاسلامية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية وكان في ضلك مهدا لولادة وقيام الاحداث التاريخية الكبرى.

واضافه الى ماذكر فأن للعراق مكانته وموقعه الحضاري الحافل بالقداسة والعظمة من خلال وجود الكثير من الديار والمراقد والمزارات المقدسة لجملة من الانبياء والصالحين والائمة الاطهار من آل الرسول الاعظم محمد صلوات الله وسلامه عليهم فمدينة النجف الاشرف تحتضن الجسد الطاهر لمولى المتقين امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وكذا ارض الطف كربلاء المقدسة حيث مدفن الجسد الطاهر للامام الحسين عليه السلام وجسد اخيه ابي الفضل العباس واجساد النخبة الطاهرة من آله وصحبه الميامين عليهم السلام وكذا مدينتا الكاظمية وسامراء المقدستين وسائر مدن وسط العراق وجنوبه وشماله.

وميزة وجود المزارات الدينية والعتبات المقدسة ومختلف اثار واماكن السياحة الدينية جعلت من العراق محط رحال الملايين من ابناء سائر الدول الاسلامية والعالم بأسرة عند كل مناسبة وموسم وسنة وكربلاء لوحدها يؤمها سنويا اكثر من 20 مليون زائر سنويا من داخل العراق وخارجه بهدف زيارة قبر سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام وهذه الحالة ليست وليده اليوم او سَني التاريخ الحديث وانما نشأت من بعد استشهاده عليه السلام وتحولت الى عقيده وسنة ثابته لدى سائر اتباع اهل البيت عليهم السلام وهذه سرت لكافة مراقد الائمة الاطهار.

وإزاء ماتستلزمه هذه الحالة من متطلبات وامور خدمية ضرورية لهذه الاعداد البشرية الهائلة الزاحفة مع كل موسم وعام الى عراق المقدسات وكربلاء الحسين بالذات فكر اصحاب الهمم العالمية والايادي السخية من علماء ومراجع اعلام (قدست ارواحهم) ومحسنين كرام بالامر مليا فقرروا انشاء منازل حصينة مأمونة تكون وقفا لابي عبد الحسين عليه السلام ينزل بها الزائر ليجد المأوى والمأكل والمشرب اضافة لما يبغيه من خدمات.

ويرتاحون فيها فكر اصحاب الهمم العالية والايادي السخية من علماء اعلام (قدست ارواحهم) ومحسنيين كرام بالامر مليا فقررا انشاء منازل حصينة مامونة تكون وقفا لابي عبد الله الحسين عليه السلام ينزل بها الزائر ليكون المأوى والمأكل والمشرب اضافة لما يبتغيه من خدمات، زرناها ووقفنا على معالمها التي تركتها يد الزمر اطلالا وصيرتها بعد العمران بلاقعا الا ما ادركتها حصيلة الترميم او تلك التي صمدت بوجه العاتيات.

نقلب صفحة الماضي بما يخصها وهي جديرة بالاهتمام والاحترام كيف لا وقد آوت زائري الامام الحسين عليه السلام.

مصطلح الخان:

الخان هو حانوت او محل نزول المسافرين، وقال في المنجد (الخان)كلمة دخيلة اعجمية ادخلت في كلام العرب والجمع خانات اما ابن منظور فيقول يعني بكلمة الحانوت او صاحب الحانوت وهو اي الخان فارسي معرب وبالرغم من اعجمية كلمة الخان الا ان لها تاريخ مؤغل في القدم في استعمالات العرب وعند تصفحنا لبعض الكتب نجد انها وردت في كتاب الطبري وغيره من مؤرخي تلك الفترات ولعل استعمالها ابعد من ذلك بكثير اذ ان الطبري يوردها دون تفسير لمعناها وهذا يدل على ان الملتقى يعرف بديهيا معنى الخان دونما تعريف لهذه الكلمة وحتى عند الانكليز(inm) وهو يعني الفندق او المنزل الذي يأوي اليه المسافرون.

انتشار الخانات:

بما ان الخان كان يعد بمثابة الفندق اليوم فقد ازدحمت المدن بالخانات التي تأوي المسافرين وتوفر لهم وسائل الراحة وخصوصا في الحواضر في الاسلامية فضلا عن انتشارها في الطرق المؤدية الى هذه الحواضر وغيرها من المدن الاسلامية.

هنالك خبر يقول ان الخانات ممتدة في العراق من مدينة البصرة مرورا بالديوانية ووصولا الى النجف ثم كربلاء والى الاسكندرية ثم بغداد الى خان بني سعد ومنه باتجاه الاراضي الايرانية وما يؤكد هذا الخبر كثرة الزوار الايرانيين الذين يقصدون العتبات المقدسة في العراق والذين لابد لهم من مأوى الذي يستريحون فيه من عناء الطريق استعدادا لرحلة جديدة تواصل الدرب باتجاه كربلاء الحسين عليه السلام.

طريق النجف..كربلاء:

لم يشهد طريق حدثنا به التاريخ حركة مستمرة مثلماشهده طريق النجف .كربلاء الذي ازدحم بالزائرين فهم يتنقلون بين وادي السلام حيث حامي الحمى وصي المصطفى صلى الله عليه وآله ووادي الطفوف كربلاء الشهادة والبطولة والتضحية عموما فقد كان استخدام هذا الطريق يتم بواسطتين:

اولهما: الدواب قبل ظهور وسائل النقل السريعة.

ثانيهما: المشي على الاقدام وكان لهذا الاستخدام وقعا خاصا بالنفوس حتى اصبحت هذه الحالة من مراسم زيارة الاربعين التي من خلالها تزحف الناس نحو كربلاء المقدسة.

ولما حاز هذا الطريق مثل هذه الحركة النشيطة والفضل الجسيم فقد استقرت الفكرة على بناء منازل فيه وكما ذكرنا وتشير الدراسات التاريخية الى ان اول الخانات كان يدعى بـ(خان جذعان)، وهو يقع الى الشرق من خان المصلى على يسار الذاهب من النجف الى كربلاء ذكره الرحالة (الو اموسيل) عام 1912م واشار اليه بقوله: (تقع شرقي خان المصلى قلعة درويش وهو موقع غير بعيد عن خان جذعان وتليل الذيب).

والظاهر ان خان جذعان كان وحده بين المدينتين(عندما بينيت الخانات الثلاثة هجر وقد زحفت اليه رمال الصحراء فصار رابيه).

وقد زرناه فلم نلحظ اي اثر دال عليه سوى تل ترابي بل لم نستدل على اطلال باقية اليوم واما استدلالنا عليه فقد تم عن طريق مزارع يعمل بالقرب منه اكد لنا موقعه والذي رآه مثبتا في دائرة الزراعة يقع بالقرب من المشتل الخاص بشركة صناعة الاطارات.

وجذعان هو عبد مملوك لامير هندي يدعى (الراجا) كان قد بعثه في تجارة له في العراق والراجا هذا معروف بولائه لآل البيت عليهم السلام كما ان عبده جذعان ايضا من الموالين وعندما حصل جذعان على مبلغ ضخم من تجارته زار كربلاء ثم النجف ولما راى بعد الطريق وحاجة المسافر للراحة فكر مليا في الامر وعزم على بناء خان اثناء الطريق وكان له مااراده ثم بني في صحن الامام الحسبن عليه السلام منارة مشهورة تدعى (منارة العبد) والتي اندرست معالمها هي الاخرى.

خان المصُُلى (الربع):

يبعد (خان المصلى) عن مركز مدينة النجف الاشرف بمسابقة اثنى عشر ميلا حسب تحديد الرحالة (ليدي دراور) كما حدده الطريحي بقوله (خان المصلى الذي يبعد عن النجف عشرين كيلوا مترا) ويقع على يمين الذاهب من النجف الى كربلاء اما تاريخ بنائه ففيه اقوال فقد اشار الدكتور حسن الحكيم بقوله: (وقد تولى بناءه الحاج حسن بن الحاج احمد مرزة المتوفي عام( 1305هـ \1888م) وكان بدء البناء عام (1304هـ) اي قبل وفاته بعام واحد وقد خصصت ثلث امواله لبناء الخان فقد بلغت تكاليفه اثنتا عشر الف ليره ذهبيه عدا ثمن الارض المحيطة بالخان على اساس تحوليها الى مزارع لتأمين حاجة الساكنين هنالك واطعام المسافرين من خضارها).

هذا الخان هو الاحدث حيث تظهر بعض الاواوين بصورة جيدة تبلغ مساحة الخانين معاً عشرة دونمات واربعة اولك، المدخل الى الخان الثاني يقابل المدخل الرئيسي يحيط بالخان الثاني اواوين واسعة يتخللها ايوان كبير نصف دائري على الجهات الاربعة كما نلاحظ ابراجا اربعة عند كل زاوية من زوايا السور المحيط بالخان.

الاواوين المطلة على ساحة الخان يفصل بينهما حائط سميك بعرض متر واحد وفي اعلاه يتزايد سمكه ويتداخل مع الاخر لان الاواوين مقوسة كما يوجد على كل حائط محمل خشبي والظاهر ان هذا المحمل كان للمشعل الذي يضيء الخان ليلاً.

في كل جهة توجد تسعة اواوين يتوسط كل التسعة ايوان كبير ومتميز.

خان الحماد:

خان الحماد يقع في منتصف الطريق بين كربلاء والنجف هو اكبر الخانات واتقنها وقد بنتها اسرة آل اكبر البغدادية وعلى يد الحاج محمد صالح بن الحاج مصطفى كبة المتوفي سنه (1287هـ\ 1870م) كما بنى الحاج محمد صالح خاناً في منطقة الاسكندية يدعى خان الوقف اوقفه لزائري العتبات المقدسة في العراق ثم زاد عليه العلامة الكبير الشيخ مرتضى الانصاري المتوفي عام( 1281هـ - 1864م) ومما يقارب هذا النص (خان الحماد بناه الحاج محمد صالح كبة البغدادي وبني بجانبه الشيخ مرتضى الانصاري خانا ويحيط بالاثنين سور واحد وكل يدعى خان الحماد).

مما تقدم يتبين لنا ان الخان هو عبارة هن مجمع من الخانات وكل خان سعى ببنائة محسن من المحسنين فالسيد بحر العلوم قدس سره والشيخ الانصاري قدس سره والحاج محمد صالح رحمه الله كل منهم بنى خانا يلتصق مع الخان الاخر اضافة الى ذلك وبعد رجوعنا الى الاشارة الاولى يبرز لدينا انه (انشأ في عهد الوالي العثماني سليمان 1189هـ) ويمكن ان يكون هذا الخان هو اول الخانات هكذا توالت الخانات في هذا المجمع على التعمير والترميم يطال الخانات السابقة عندما تستقر الفكرة على بناء خان جديد وهذا البناء يقرر نتيجة لزيادة في عدد الزائرين.

خان الربع:

ويمكن القول ان المنطقة التي تقع فيها هذا الخان بالقرب من البساتين الموصلة بين النجف وكربلاء كما يقع بالقرب منها فرع من نهر الفرات.

يطلق على خان النخيلة اسم خان الربع بالنسبة لاهالي كربلاء حيث ان موقعه يمثل ربع المسافة المقطوعه من كربلاء الى النجف (حيث يبعد خان النخيلة عن كربلاء واحد وعشرين كيلومتراً).

خان النخيلة الذي يتألف من ثلاثة خانات وسته مقاهي وآبار عذبة للماء وعدد من الاكواخ البسيطة من دون ان تكون فيه بيوت، اما عن الشخص الذي تبرع ببنائه فلدينا رأيان:

الرأي الاول:(شيد خان النخيلة احد الهنود).

الرأي الثاني: (خان النخيلة يسمى خان الربع بنسبة القادم من كربلاء وقد بنته اسرة آل شمسة النجفية وتولت الاشراف عليه وترميمه وقد تعرض الان للهدم.