13 جمادى الآخرة 1437 - 23/03/2016
قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، جمع من المؤمنين من مدينتي قم المقدّسة وطهران، كان فيهم أصحاب الاختصاص في وضع برامج علمية وسلوكية للمستشفيات في إيران، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى1437للهجرة (7/3/2016م).
في بداية هذه الزيارة، قدّم أصحاب الاختصاص المذكور، لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله، تقريراً عن فعالياتهم ونوعية أعمالهم، وتمنّى من سماحته أن يفيدهم بتوجيهاته القيّمة، فقال دام ظله:
إنّ الله تعالى خلق كائناً باسم (الإنسان)، وأودع فيه العجائب. ومنها أنه تعالى جعل في الإنسان القليل من القوى الظالمة، وهي النفس الأمّارة بالسوء التي أشار إليها القرآن الكريم. وجعل فيه أقوى قوة خير، بعد المعنويات، وهي العقل، وبعبارة أقرب المعتقدات. فكل إنسان له معتقدات.
وأوضح سماحته: فقاتل الحسين صلوات الله عليه، شمر بن ذي الجوشن لعنه الله كان صاحب معتقدات، وسيعذّب الله تعالى شمراً لأنه جعل معتقداته تحت أقدامه. وكذلك قاطع الطريق، حينما يسرق ويقتل ويجني، له معتقد أيضاً، لكنه يسحقها أو سحقها. فلو تأمّل قاطع الطريق مع نفسه قليلاً بأنه لو كان مكان أحد الذين يتعرّضون للسرقة، فهل سيعتقد بأن هذا الفعل، أي السرقة، هو شيء حسن أم لا؟ لا شكّ سيكون جواب قلبه وعقله بأن هذا الفعل هو سيئ وقبيح.
وأضاف سماحته: كما جعل الله تعالى شيئاً آخر، وهو عالم الآخرة، التي تطول فيها الحياة وتطول وتطول جدّاً، حيث خلقها تبارك وتعالى للإنسان. وجعل الله الدنيا جسراً للامتحان والاختبار فقط، أي لاختبار الإنسان الذي أودع الله تعالى فيه العقل والنفس الأمّارة بالسوء، وأخبر الإنسان بقوله عزّ وجلّ: (وهديناه النجدين)، وذلك بعد أن سبق وجعل سبحانه وتعالى في الإنسان، أساساً للتصديق بقوله تبارك وتعالى، وهذا التصديق بحاجة إلى قليل من الانتباه من الإنسان.
وبيّن سماحته، أيضاً: من الاختبار في الدنيا هو المال، والعلم، والقدرة البدنية، والحكومة، والفقر، والجهل، وذلك لقوله تعالى: (لننظر كيف تعملون). ولهذا توجد في القرآن الكريم آية رفيعة جدّاً، وهي قوله عزّ من قائل: (فلله الحجّة البالغة). أي لا يدخل أحد النار يوم القيامة إلاّ وهو يعلم أنه لا يستحقّ إلاّ النار وفقاً لما جعله الله من أساس ومعتقد في الإنسان الداخل للنار.
وقال سماحته: ومن مجالات الاختبار، أيضاً، هي المستشفيات ومشفى الأمراض العقلية، والمحاكم، والعلم والعلماء بأخلاقهم وتنوّعهم. فقد تعلّم من رسول الله صلى الله عليه وآله، خلال عشرين سنة، الكثير من الصحابة، ولكن خرج منهم كأبي ذر الغفاري وعمّار وعثمان بن مظعون، وخرجهم منهم أمثال أبي بكر وعمر وعثمان بن عفّان.
وأردف سماحته: كما ان في اختبار الدنيا، أن ترى شخصين كانا صديقين لسنين طويلة، وكانا مع بعض، ومن مدينة واحدة، ولكن أحدهما صار حبيب بن مظاهر، والآخر شمر بن ذي الجوشن. فكل واحد منهما صار كما صار، باختياره وبإرادته.
وأشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، إلى مثالين وانموذجين راقيين ورفيعين في التعامل وفق المعتقد الصحيح والسليم والفاضل، وقال: قال مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ان نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، مع ما لاقاه من الأذى والظلم والمشاكل من الأعداء وممن حوله من المسلمين، لم يستعمل القوّة مع أي أحد منهم ولا من غيرهم أبداً. وكذلك لم يفرض على أحد شيئاً ولم يجبر أحداً. وهذا التعامل لا نظير له في الدنيا أبداً.
وهكذا كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث لم يذكر التاريخ ان أحداً من الناس، قد بات ليلة من ليالي حياته، وهو خائفاً من الإمام صلوات الله عليه، وخصوصاً أيام حكومة الإمام صلوات الله عليه، التي امتدّت رقعتها في ذلك الزمان، على خمسين دولة من دول عالم اليوم. وهذا لا نظير له في التاريخ ولا في الدنيا كلّها، أيضاً.
وأكّد سماحته، بقوله: لقد أرسل الله تعالى الرسل وبعث الأنبياء ليبيّنوا للناس الطريق الصحيح، والطريق الخطأ، حتى لا يحتجّ الناس على الله تعالى.
كما عليكم أن تعلموا بأن الأشخاص الفاعلين والمفكّرين وباذلي الخدمات لا يحصلون على ما يريدون وعلى نتائج أعمالهم، بلا تعب. وعليكم، أيضاً، أن لا تنسوا الشباب، فخذوا بأيديهم، واهتمّوا بهم، واسعوا في تربيتهم، كما تربّيتم أنتم.