13 جمادى الآخرة 1437 - 23/03/2016
المعروف والمشهور بين الناس أن الصبر فيه الظفر، أي النصر والغلبة. ويقولون ان هذا الأمر ينطبق في كل شيء، في التجارة والسياسة والاقتصاد والطبابة وكل المجالات. ولكن القرآن الكريم يقول غير ذلك، وهو قوله تعالى: (ولمن صبر وغفر). ويعني أن يصبر الإنسان ويتحمّل ولاينهار ولا يتدمّر.
هذا ما بيّنه المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في بداية إرشاداته القيّمة، بناشطين دينين وناشطة دينية، من الإخوة الإيرانيين المقيمين في أميركا، الذين زراوا سماحته، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى1437للهجرة (5/3/2016م).
وقال سماحته: في عالم اليوم، وفي كل مكان منه، يواجه الملايين والملايين من الشباب، الضياع والتيه. فيجب أن نأخذ بأيديهم، نحن وأمثالكم وأمثالنا، ونرشدهم ونربّيهم. وهذا يحتاج إلى أمر مهم جدّاً، وهو أن لا نسعى في حياتنا إلى الراحة والرفاه فقط، ولا نصبّ جلّ اهتمامنا ومسعانا على الراحة والرفاه فقط. ولا أقصد أن لا يعيش الإنسان براحة ورفاه، بل أن لا يجعل همّه وهدفه الأول والأخير هو الراحة والرفاه، وأن لا يركض وراء ذلك فقط. بل عليه أن يتبع معتقداته ويعمل بها، وهذا أمر صعب لا شكّ.
وبيّن سماحته: إن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو قدوة وفخر للبشرية كلّها، وليس للمسلمين فحسب، قد رأى من المشركين والكفّار ومن المنافقين في الداخل، ومن الأصدقاء الجهلة، رأى الكثير من المشاكل والأذى، ولكنه صلى الله عليه وآله لم يشكو من أحد منهم أبداً.
كما قال مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، بأنه سمع من النبي صلى الله عليه وآله بأنه قال: (كثرت عليّ الكذّابة). والكذّابة جمع، والتاء للمبالغة والكثرة، أي الكثير من الكذّابين والكثير من الكذب. ومه هذا كلّه لم يذكر صلى الله عليه وآله اسم حتى واحد منهم أبداً.
وشدّد سماحته: وعلى هذا أسّس النبي صلى الله عليه وآله الإسلام. والناس اليوم يريدون مثل هذا التعامل النبويّ. نعم مثل هذا التعامل ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف وأجواء اليوم التي تختلف عو ظروف وأجواء زمن رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأضاف سماحته: على الإنسان أن يصمّم على العمل في هذا المجال، اي صناعة الإنسان وتربيته، قدر ما يتمكّن، حتى لا يتحسّر في الآخرة على قلّة ما عمله في هذا الصدد. وأأكد على العمل بهذا الخصوص، على الشباب، والاهتمام بهم، ورعايتهم، وبالأخصّ شباب الشيعة.
كما أوضح سماحته، بقوله: إنّ مجتمعات العالم تصاب بأمراض مختلفة وعديدة، وبعضها قاتلة، كأنفلونزا الطيور، وماشابهها وغيرها. والكثير من الناس يصابون بها بغير إرادتهم وبدون اختيار منهم. كذلك تصاب المجتمعات الإنسانية بأمراض فكرية وعلمية وعقائدية، ويصاب بها الكثير لا إرادياً وبلا اختيار منهم، ومنهم الشباب. فإذا رأيتم شابّاً مصاباً بانحراف فكري أو عقائدي أو علمي، وخصوصاً من مجتمعنا الشيعي، فهذا يعني أنه قد أصيب لا إرادياً وليس باختياره، و بعبارة أخرى: انه اصيب بالجهل، وليس مقصّراً، ولا معانداً، أي ليس كالذي يعلم ولكنه يجحد. فالشباب الذين نراهم اليوم بعيدين عن الدين، هم ليسوا بمقصّرين ولا معاندين، بل يجهلون الدين.
وأكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: أمثال هؤلاء الشباب، يجب علينا أن نصغي إليهم، ولا تصدر منّا ردّة فعل أو استنكار لما يصدر منهم من قول وشكّ وشبهات أو تصرّف غير غير مقبول، كتركهم للصلاة مثلاً، أو التشكيك بوجود الله تعالى، وغيرها. بل يجب أن نصغي إليهم جيّداً وبكل وجودنا، ولا نفارقهم، ونهتمّ بهم، ونصاحبهم، ونجلس معهم كثيراً وكثيراً، ومن ثم، ورويداً ورويداً، وشيئاً فشيئاً، نحاول ونسعى إلى تصحيح ومعالجة ما أصيبوا به من أمراض فكرية وعقائدية وعلمية.
بعبارة أخرى: يجب أن نتعب عليهم كثيراً وكثيراً، ونتحمّل ذلك كثيراً، ونصرف الكثير والكثير من الوقت والأيام، ولا نملّ أو نجزع. وهذا لا شكّ ستكون فيه النتائج الإيجابية والمطلوبة.