12 جمادى الأولى 1437 - 21/02/2016
إنّ الدنيا لمكان جيّد جدّاً، فمن المؤسف حقّاً أن لا يستفيد الإنسان منها. فالصلحاء الذين كانوا في الدنيا، صاروا صالحين في الدنيا، كأبي ذر وسلمان وغيرهما. فكل إنسان، في أيّة ظروف كان، وفي أيّ مكان كان، سواء بالصين أو أميركا أو بالعراق أو إيران، بإمكانه أن يستفيد من ساعاته وأيّامه استفادة أفضل.
هذا ما بيّنه المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إرشاداته القيّمة، بوفد من المؤمنين، ضمّ الخطيب والمؤلّف الإسلامي حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي حيدر مؤيّد برفقة بعض أنجاله وأحفاده، وناشطين دينين وتجّار من سكنة الصين، الذين زاروا سماحته في السابع من شهر جمادى الأولى1437 للهجرة (16/2/2016م)، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة.
كما أوضح سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بقوله: أمران مهمان جدّاً، يجب الاهتمام بهما، وهما:
الأول: تزكية النفس. حيث قال الله عزّ وجلّ: (قد أفلح من زكّاها). فإذا كان الإنسان حسن الأخلاق فليكثر من ذلك ويزيد دوماً. وإن كان إخلاصه لله تعالى ولأهل البيت صلوات الله عليهم جيّداً فليكثر منه. وإن كان صاحب تقوى فليكثر من مراتب التقوى. وإن كان قليل الغضب فليحاول التقليل والتقليل من غضبه أكثر وأكثر.
الثاني: إرشاد الآخرين. بالأخصّ الأشبال والشباب، ذكوراً وأناثاُ، من الأقارب والأرحام والمعارف. وقد يقوم الإنسان بإرشاد عشرة أشخاص مثلاً، ولا يتأثّر بإرشاده إلاّ خمسة منهم أو أربعة أو ثلاثة، فهذا لا إشكال فيه، بل المهم هو أن يقوم بالإرشاد.
وأضاف سماحته: لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله الكثير من الأصحاب، ولكن لم يتأثّر بإرشاداته ولم يصلح نفسه بها، إلاّ القليل منهم. إذن المهم هو أن يقوم الإنسان بأداء مسؤوليته.
وذكر سماحته نموذجاً على كيفية إرشاد الآخرين، فقال: قبل فترة جاءني أحد الشباب ضمن الضيوف الذين يأتون صباحاً، والتقى بي بعد أن انتظر لمدّة نصف ساعة حتى يأتي دوره لكثرة الضيوف، فقال لي: أريد أن أقوم بعمل قد خالفني عليه ورفضه كل من أخبرته به. قلت: قل. قال: أريد أن أنتحر. فقلت له: أريد منك أن تقوم بعمل، شرط أن تواعدني على العمل به. قال: إن كنتم تريدون منعي من الانتحار فلا أقوم به. قلت: لا، ليس ذلك، ولكن أعدني أن تقوم به. فقال مرّة أخرى: إن كان يمنعني من الانتحار فأنا لا أعمله. قلت له مرّة أخرى: لا، غير ذلك. فقال: نعم، تفضلوا. قلت له: متى ستقوم بالانتحار؟ قال: غداً. قلت: في أيّة ساعة؟ قال: العاشرة صباحاً. قلت له: أنا أريد منك أن تؤخّر الانتحار وتجعله في الساعة الحادية عشرة صباحاً. فسكت الشباب قليلاً، ثم قال لي: نعم أفي بذلك. فقام وذهب.
أتدرون ما الذي حصل بعد ذلك؟ إن ذلك الشاب جاءني مرّة أخرى بعد يومين، وقال لي: معذرة، أنا كنت على خطاً، وصممّت على عدم الانتحار.
وعقّب سماحته، مؤكّداً: يجب إرشاد الآخرين، لا أن نأمرهم فقط، أو نتنازع معهم أو ننهاهم فقط. فالكثير والكثير من الشباب، بل الملايين منهم، في كل مكان من العالم، هم في طريق الضياع، في طريق فساد الأخلاق والعقيدة. فيجب أن نأخذ بأيديهم ونرشدهم. ومن الأمور الجيدّة والمهمة في هذا المجال، التي يجدر العمل بها، هي أنه من كان ميسور الحال مادّياً ومالياً فعليه أن يعطي مما عنده للفقير، وأن يأكل وحده. ومن كان صاحب فكر فعليه أن يعطي من فكره لغيره، أيضاً، وهكذا في باقي الأمور.
أسأل الله تعالى التوفيق للجميع.