16 ربيع الأول 1435 - 18/01/2014
إن ظاهرة الانتقام من المقدسات ظاهرة متجذرة في الفكر السلفي التكفيري , ففي العام 1802 ميلادية هاجمت جماعات ارهابية وهابية كربلاء المقدسة وقتلت اكثر من تسعة الاف من الرجال والنساء والاطفال)
كما تحولت مدينة السيد المسيح، معلولا في سوريا الى مدينة "طالبانية" بعد سيطرة جبهة النصرة الارهابية عليها، بعدما خرب "التكفيريون" الكنائس وهدموا التماثيل، في مشهد جديد يذكّر بمشاهد هدم الحسينات والمساجد والكنائس في العراق من قبل العصابات التكفيرية حينما اتيحت لها الفرصة في فترة الفوضى الامنية في العراق بعد العام 2003.
ونشر تلفزيون "المنار" اللبناني، حوارا مع الاب ماكاريوس قلومة سكرتير بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، الذي أكد الفظائع التي ارتكبها مسلحو "جبهة النصرة" في البلدة وكنائسها.
كما أكد الأب ماكاريوس سرقة التمثال البرونزي للسيد المسيح من دير مار تقلا، وهو تمثال تمت إزاحة الستار عنه في 2008 من عمل النحات الروسي الشهير الكسندر روكافشنيكوف.
ولم تقف جبهة النصرة عند هذا الحد، اذ لم تراعِ حرمة الموتى فعملت على نبش القبور كما استمرت الفظاعات والانتهاكات ليطال قبر "القديسة تقلا"، حيث احرق المسلحون تماثيل للسيدة العذراء و الصلبان بعد تكسيرها.
ويخشى العالم لاسيما الجهات المعنية بالثقافة والحضارة الانسانية من هدم الكثير من المعالم الحضارية والتاريخية من قبل الجماعات التكفيرية في سوريا وغيرها.
وتشترط كل هذه الجماعات في اعتبار التماثيل والنصب والمراقد الدينية والقبور، نوع من الشرك بالله يتوجب ازالته.
وعلى غرار معلولا، هدمت الجماعات المسلحة معالم دينية واضرحة في العراق وافغانستان.
وتقول الدكتورة مها بنانة الاختصاص في علم النفس "هؤلاء المجرمون يصنفون الناس على هواهم هذا كافر وهذا فاسق وهذا مجرم".
فيما نشر في تموز 2007 على النت تقرير عن فتاوى رجال دين سعوديين تدعو الى "هدم الاضرحة والمراقد في العراق ".
ومنذ بدء الحرب في سوريا، تناقلت وسائل الإعلام مشاهد التخريب والدمار للمراقد المقدسة في سوريا، منها مرقد السيدة زينب الكبرى بنت الامام علي ابن ابي طالب عليهم السلام، والسيدة رقية، والسيدة سكينة بنات سيد الشهداء، والإمام الحسين عليهم السلام.
وتشير المصادر التاريخية الى ان هذه الظاهرة متجذرة في الفكر السلفي التكفيري.
ففي العام 1802 ميلادية هاجمت جماعات ارهابية وهابية مدينة كربلاء وقتلت اكثر من تسعة الاف من الرجال والنساء والاطفال، ونهب الضريح المقدس للإمام الحسين.
وعلى نسق متشابه في الفكرة والغرض مع اختلاف الاسلوب، هاجمت جماعة تكفيرية كنيسة النجاة العام 2010 عندما اقتحم مسلحون الكنيسة بالكرادة في بغداد أثناء أداء مراسيم القداس، وانتهت الحادثة بتفجير المسلحين لأنفسهم وقتل وجرح المئات ممن كانوا بداخل الكنيسة.
وكان مسلحون يرتدون زي الشرطة ينتمون إلى جماعات ارهابية اقتحموا مرقد الامام العسكري، في سامراء العام 2006 وقاموا بتفجير واحدة من أكبر قباب العالم الإسلامي.
وحيثما وجدت هذه الجماعات الارهابية، تسلل التعصب الى المجتمع، وانتشرت الافكار التكفيرية التي تقتل الناس وتهدم معالم الحضارة.
وفي العام 2001، تعهدت حركة طالبان الافغانية بتدمير جميع التماثيل في أفغانستان، وقالت ان "كل البدائل المطروحة لا تتفق مع أحكام الاسلام"، مؤكدة انه "لا مجال للعودة عن فتوى أصدرها زعيم الحركة الملا محمد عمر بتحطيم جميع التماثيل بما فيها تمثالان ضخمان لبوذا يعدان من أشهر الاثار الافغانية".
وتعد النصب والهياكل ذات القيمة التاريخية والروحية على رأس قائمة أولويات الخراب للجماعات المتطرفة.
وامتدت فتاوى الهدم والتكفير الى مصر ايضا، ففي العام 2012 سادت حالة من الاستياء بين أهالي الأقصر في مصر، بسبب فتوى الداعية مرجان سالم الجوهري القيادي في جماعة "الدعوة السلفية الجهادية" في مصر، بتحطيم تمثال أبو الهول والأهرامات والتماثيل الفرعونية.