23 شوال 1434 - 31/08/2013
أكّد وكيل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في المنطقة الشرقية، العلاّمة السيد طاهر الشميمي، أكّد في كلمة الجمعة (22شوال المكرّم 1434 للهجرة) على الدور المؤمّل والمطلوب من النخب والطليعة من أجل الرقي بالمجتمع وتطويره.
وقال فضيلته في بداية كلمته أن النظام الإسلامي لا يسمح للحكومات بتملّك مقدّرات الشعوب وثرواته، وإنما الواجب على تلك الحكومات تنظيم الثروات والإشراف على توزيعها والاستفادة منها.
وضرب مثالاً ببعض دول الغرب التي فعّلت نظام المجتمع المدني، فسمحت للشركات بأن تتنافس في تقديم خدماتها للمواطنين، فأسّسوا شركات عديدة للطيران والكهرباء والاتصالات وغيرها، وأصبح بإمكان المواطن أن يختار أيّاًّ من تلك الشركات.
واستدلّ فضيلته بقوله تعالى: ﴿ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرضِ جَمِيْعَاً ﴾، وقال بأن كلمة ﴿لكم﴾ تعني عدم استثناء أيّ فئة من فئات الوطن، وكلمة ﴿ما في الأرض جميعا﴾ تعني جميع ثروات الأرض بلا استثناء. فجميع ثروات الأرض ومقدّراتها كالماء والتراب والهواء والنفط حقّ لجميع الناس، ولا يحقّ لأحد أن يمتلكه ويمنع الآخرين منه، فتملّك هذه المقدّرات باطل في نظر الشريعة الإسلامية.
وبيّن فضيلته أن النبيّ وأهل البيت عليهم السلام كانوا يشجّعون الناس على العمل والاجتهاد والتكسّب، فأصدر النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله نظام (الأرض لله ولمن عمّرها)، فأباح الأرض لكل الناس بشرط إعمارها. ولم يسمح لأحد أن يمتلك مقدّرات المسلمين. ولا شكّ أن الإنسان إذا ملك شيئاً يحتاجه الآخرون سيستعلي عليهم ويطغى. ولذلك حرّمت الشريعة الإسلامية الاحتكار، لما فيه من إضرار بالمصالح العامة.
وأوضح فضيلته أن ربط الشعوب بالحكومات يرهق الدولة الكثير، كما يرهق الشعوب. فالأنظمة الروتينية تكلّف الدولة وتضع الحواجز بينها وبين الشعب. فالشعب يحتاج للعلاج وللتعليم والسكن والعمل وغيرها. وجميع هذه الخدمات مقيّدة بالحكومة فقط. ولا شكّ أن الدولة بمفردها غير قادرة على استيعاب جميع مواطنيها. ولذلك برزت مشكلة التعليم وأصبحت الحاجة للجامعات الأهلية واضحة، وكذلك برزت مشكلة العلاج وأصبحت الحاجة للمستشفيات الأهلية حاجة ملحّة.
فثقافة المجتمع المدني جزء مهم من حلّ مشاكل الوطن، ولابد لتطبيقه ونشر ثقافته، ليستوعب الناس ويعي الجميع أنه ليس بديلاً عن الدولة، وإنما جهود لاستيعاب طاقات الوطن وتلبية حاجاته.
وبين السيد الشميمي دام عزه أهم شروط العمل المدني وهي:
١- روح التعاون بين الناس: فأصحاب الطاقات المبعثرة والعقول العلمية، والتخطيط والتنظيم لابد وأن يجتمعون ويتعاونون. فمن غير تعاون تضيع تلك الجهود الفردية والأفكار المبعثرة.
٢- روح المبادرة: لابد من أن يشعر كل فرد بأهميته وقدرته وإحساسه بالمسئولية، لا أن نجلس ونتذمّر ويشتكي كل منّا للآخر، أو أن ينتظر كل منّا المبادرة من الآخرين.
٣- احترام المبادرات: فمن حقّ أصحاب المبادرات أن يجدوا التشجيع من المجتمع والدعم المناسب. ومن حقّهم أن يربط المجتمع ويشدّ على أيديهم، وهذا واضح صريح في سيرة النبي وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، الذين كانوا يثمّنون الجهود ويباركونها، وفي كثير من الأحيان كانوا يشاركون أصحاب المبادرات في مبادراتهم.
٤- تنمية العمل المؤسساتي القائم: فالمؤسسات واللجان الموجودة في المجتمع تحتاج الدعم والتشجيع والتفعيل. فمجتمعنا يضمّ عدداً من اللجان والهيئات وبعضها ذات دور محدود جدّاً فتحتاج للدعم والتشجيع لتنمو وتنهض وتؤتي ثمارها.
في ختام كلمته تطرق العلاّمة الشميم إلى مشكلة السكن الذي يعاني منه الجزء الأكبر من أبناء الوطن، وانتقد سماحته الحلّ الحكومي الذي بخس القطيف حقّها، ولن يلبي إلاّ حاجة جزء بسيط جدّاً من أبناء القطيف، على الرغم من تأخّر هذا الحل وانتظاره سنواتٍ عديدة.