28 محرم الحرام 1433 - 25/12/2011
البحرين/ وكالات
يتذكر الاطباء الشيعة البحرينيون الذي يحاكمون في قضايا مرتبطة بالحركة الاحتجاجية التي شهدتها المملكة مواقفا من فترة اعتقالهم يرون بعضها الان طريفا، لكن دموعهم تباغتهم في سرد طويل لفظائع تعذيب قالوا انهم تعرضوا له.
وبالرغم من نقل قضيتهم من القضاء العسكري الخاص الذي اصدر بحقهم احكاما قاسية بالسجن تصل الى 15 عاما الى القضاء العادي، وبالرغم ايضا من اسقاط اعترافاتهم بسبب انتزاعها منهم تحت وطأة تعذيب مفترض، يطالب هؤلاء الاطباء الذين يحظون بمتابعة عالمية بمحاكمة امام هيئة دولية مستقلة.
ففي جلسة مشتركة اعتادوا على مثيلاتها منذ اطلق سراحهم بكفالة، يسأل استشاري طب الاطفال محمود اصغر زميله علي العكري استشاري جراحة العظام (اتذكر عندما امرونا ان نقفل انوفنا باصابعنا ونهتف كما المتظاهرين سلمية، سلمية).
كان اصغر يشير بذلك الى احد الشعارات البارزة التي كان رددها المحتجون الذين تم قمع حركتهم المطالبة بالتغيير الديمقراطي بالقوة في منتصف اذار/مارس.
واذ اعاد اصغر ترديد هذه الكلمات، ضحك الاطباء الآخرون الموجودون في المكان، بالرغم من ان جميعهم يواجهون احكاما بالسجن لمدة 15 عاما.
ويستذكر استشاري طب العائلة احمد عمران متوجها الى زملائه الذي شاركوه نفس الزنزانة "اصعب شيئ كان المناداة على احدنا خوفا من التعذيب المنتظر. اذكر عندما نادوا عليكم من الزنزانة. قلت الحمدلله لم ينادوا علي انا)، قبل ان يضحك.
الا ان هذه اللحظات من الضحك ليست الا لمحة قصيرة في شهادة هؤلاء الاطباء عن تعرضهم لعمليات تعذيب مفترضة لم يتوقعوها في حياتهم.
فبينما كان استشاري طب الاطفال نادر دواني يسرد معاناته توقف فجأة وقال: (صعب ان اتكلم).
كان يروي كيف اجبر على الوقوف لسبعة ايام مع تعرضه للضرب المتكرر، لاسيما من قبل محققة امرأة، وهو امر غير اعتيادي في بلد عربي مثل البحرين.
وعن هذه المحققة، قال دواني (كانت اقسى واحدة. كانت تضربني بالهوز (الخرطوم) والعصى. كنت اسمع العصي تتكسر على ظهري).
واضاف (حاولوا ادخال زجاجة في فتحة الشرج)، قبل ان يتوقف عن الكلام ليمسح دموعه التي باغتته.
واعتقل جميع هؤلاء الاطباء بعد ان قامت قوات الامن البحرينية بقمع الحركة الاحتجاجية التي استلهمت احداث الربيع العربي في تونس ومصر للمطالبة بالتغيير في المملكة الصغيرة التي تحكمها اسرة ال خليفة السنية.
ويواجه هؤلاء مجموعة من التهم، اهمها احتلال مجمع السلمانية الطبي في المنامة وحيازة اسلحة ومنع ادخال السنة للعلاج بينما كان المحتجون الشيعة يخيمون في مرآب المجمع.
كما توجه اليهم تهم نشر اخبار كاذبة بما في ذلك المبالغاة بالوضع الحرج للمصابين، واستخدام الادوية والمرافق الطبية بشكل غير شرعي، اضافة الى المشاركة في التظاهرات.
وحكم على 13 كادرا طبيا، في 29 ايلول/سبتمبر بالسجن 15 عاما وعلى اثنين آخرين بالسجن عشر سنوات كما حكم على خمسة بالسجن خمس سنوات. ومن بين هؤلاء نساء.
وكان هؤلاء جميعا اطلق سراحهم بكفالة مطلع ايلول/سبتمبر. وبعد صدور الاحكام عليهم، قررت السلطات البحرينية اعادة محاكمتهم امام محكمة مدنية عادية.
والاتهامات بممارسة التعذيب على عشرات المعتقلين الشيعة، بما في ذلك الكوادر الطبية، قد تم تكريسها في تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة الذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر.
وكان الملك حمد بن عيسى ال خليفة امر شخصيا بتشكيل هذه اللجنة بمشاركة خبراء دوليين محايدين لالقاء الضوء على ملابسات قمع الحركة الاحتجاجية البحرينية.
واكد الملك البحريني اسفه لما توصلت اليه اللجنة بما يتعلق بتعرض المعتقلين للتعذيب، كما وعد بالاصلاحات.
وقال الملك في اعقاب الكشف عن التقرير خلال مراسم رسمية "يؤسفنا ويؤلمنا معرفة ان ذلك قد حدث بالفعل للبعض حسب ما ورد في" التقرير واكد (اننا لن نتسامح ولن نتساهل مع سوء معاملة الموقوفين والسجناء).
وتعرض اطباء وكوادر شيعة لم يعتقلوا، للفصل من وظائفهم مثل استشاري جراحة الدماغ والاعصاب طه الدرازي، وذلك بسبب ظهورهم في صور خلال التظاهرات.
ويؤكد الاطباء على براءتهم. وبالرغم من تجنب تقرير لجنة تقصي الحقائق الخوض في قضايا ما زالت تخصع للمحاكمات، اشار الى ان الاتهامات حول تضخيم اعداد المصابين لا اساس لها وذكر ان سجلات المستشفى تظهر ان المئات ادخلوا للعلاج في منتصف شباط/فبراير.
وقال علي العكري، استشاري جراحة العظام، (كل تصريحاتي كانت على علاقة بوضع المرضى والجرحى) نافيا ان يكون قد ادلى بتصريحات سياسية واصر ان اعضاء الكادر الطبي الذين شاركوا في الاحتجاجات كانوا يتظاهرون ضد وزير الصحة الذي اقاله الملك في وقت لاحق.
وقال العكري (نعم خرجنا في مظاهرات، لا انفي ذلك فهو ليس بخطأ. نحن مارسنا حق التظاهر خارج الدوام ولاسباب معينة هي المطالبة بحماية الطواقم الطبية لتعرض زملائنا للهجوم دون حماية).
واضاف (شعاراتنا كانت واضحة: اسقاط الوزير وادارته لأنه فشل في حماية الطواقم الطبية، وقف الاسعافات، والتصريحات الكاذبة بعد ان قال بوجود سبع اصابات خفيفة فقط في السلمانية).
اما عن شعار اسقاط النظام الذي رفعه جزء من المحتجين في المنامة، قال العكري (لم ننادي به ابدا. مظاهراتنا كانت عند وزير الصحة).
واكد العكري ان الاطباء واعضاء الكادر الطبي الآخرين يحتاجون الى (هيئة مستقلة) لمحاكمتهم (فنحن لا نثق بالقضاء البحريني) على حد قوله.
واضاف (نرى ان قضيتنا حصلت على اضاءة عالمية وان لا بد للمنظمات الدولية لحقوق الانسان او هيئة قضاء دولية ان تنظر في تشكيل القضية من عدمه).
ويؤكد الاطباء ان اقدام بعضهم على الحديث عما كان يحصل في مجمع السلمانية الطبي اوقعهم في مشاكل مع السلطات.
وقال داوني (نحن شهود على جرائم النظام).
وداوني شانه شأن باقي زملائه المحكومين، اضافة الى اطباء سنة واجانب آخرين، يظهر في عدد من اشرطة الفيديو يسعف المصابين في وحدة الطوارئ بمجمع السلمانية.
من جهتها، قالت رولا الصفار رئيسة جمعية التمريض البحرينية التي حكمت بالسجن 15 عاما، ان السلطات استفزت (لأن بعضنا ظهر على التلفزيون يتحدث عن الضحايا وذكروا الاعداد).
واعتبرت الصفار (49 عاما)، وهي غير محجبة، ان السلطات كانت تريد (اذلال) النخب الشيعية، بالرغم من انها اشارات الى انها صدمت المحققين معها عندما اكدت لهم ان والدتها سنية.
وقالت (نحن من نخبة البحرين ومن عائلات محترمة... يريدون ان يقولوا للعائلات الشيعية المحترمة اننا نذلكم).
وبالاضافة الى انها مارست مهنتها بما تيسر من اسعافات اولية خلال الاعتقال لعلاج اكثر من مئتي معتقلة تعرضن لتعذيب مفترض خلال فترة توقيفها التي استمرت خمسة اشهر، اكدت الصفار انها هي ايضا لم تسلم من التجاوزات، بما في ذلك التعذيب والاعتداء الجنسي اللفظي.
وقالت (كانوا يأخذونني بالليل، من رائحة الكحول اعرف انهم سكارى. يقول احد المحققين: اليوم الخميس، نجلس معك وننبسط واحدا واحدا اذا لم تقري).