13 شوال 1429 - 13/10/2008
تحت شعار (الإمام الشيرازي.... سيرة جهادية وتأريخ مشرق) وبرعاية مؤسسة الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) أقيم المهرجان التأبيني السنوي السابع لرحيل المجدد الثاني الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه) وذلك مساء يوم الاثنين 13 شوال 1429 هـ الموافق 13 تشرين الأول 2008م، في ساحة مابين الحرمين الشريفين بمدينة العلم والجهاد والشهادة كربلاء الامام الحسين (عليه السلام). المهرجان حضره جمع كبير من الوفود والشخصيات الدينية والحوزوية وممثلي مكاتب المرجعيات، ومسؤولي الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وايضاً عدد من مسؤولي مجلس محافظة كربلاء ومدراء الدوائر الرسميةالمختلفة، إضافة الى ممثلي الأحزاب والحركات الإسلامية والوطنية العراقية وشيوخ العشائر ووجهاء مدينة كربلاء المقدسة، وجمهور غفير من المؤمنين. برنامج الحفل التأبيني الذي تولى عرافته الكاتب والأديب حيدر السلامي وابتدأه بمقدمة أدبية خاصة بالمناسبة تضمن جملة من الكلمات والفقرات الأدبية فيما كان الإفتتاح بتلاوة مباركة من الذكر الحكيم للأستاذ المقرئ الحاج مصطفى الصراف المؤذن. بعد ذلك جاءت كلمة عميد حوزة كربلاء المقدسة سماحة آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري (دم عزه) وقد استهلها بالآية القرآنية الكريمة (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) . ثم تحدث خلالها عن السبل المشروعة والكفيلة بالوصول الى المعرفة الحقيقية والوافية عن شخصية وحياة وسيرة الإمام الشيرازي الراحل، ودوره الواسع في رفد الساحة الإسلامية بميادينها الفقهية والحوزوية والعلمية بمختلف الموسوعات والمؤلفات الفكرية والفقهية والثقافية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية وسائر المسائل الاخرى وصولاً الى ميادين التكنلوجيا والعولمة الحديثة. ونبه الشيخ الحائري في كلمته الملأ كافة الى ضرورة توخي الطرق والوسائل الصحيحة في الوصول الى مكانة الامام الشيرازي (قدس سره) بعيداً عن الاعتماد عما يرويه البعض وما يروجه من كلام غير دقيق او موثوق وغير مشروع لاسيما وان ساحة اليوم تحفل بالعديد من الجهات والمغرضة ووسائل التضليل والتحريف والاعلام المعادي. واختتم عميد حوزة كربلاء المقدسة بأستعراض لعديد من الموسوعات والمؤلفات التي دونها بفخر قلم الامام الشيرازي الراحل. الفقرة اللاحقة لبرنامج الحفل كانت قصيدة شعرية رائعة خاصة بالمناسبة للشاعر حميد الشويلي وهو من ادباء مدينة الناصرية جنوبي العراق. ومع انتهاء القصيدة ارتقى منصة الحفل الخطيب الحسيني الكبير سماحة آية الله السيد مرتضى القزويني اعزه الله حيث القى كلمة استهلها بالآية القرآنية المجيدة (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) . وفي مقدمة كلمته تساءل قائلاً: ماذا اقول في عالم تقي ورع زاهد وفقيه عامل ومجاهد...؟ ، ماذا استعرض للحديث عنه وقد عشت الى جانبه وقريباً منه حوالي 50 عاماً وعايشته وشاركته في العديد من مراحل حياته بدءاً بمرحلة الدراسات الدينية والحوزوية وما تلاها، وكذلك كنت معه ومشاركته في ميادين الجهاد والتصدي بكل أشكاله، وحتى في رحلات الهجرة ومحطات الإقامة دول المهجر التي حل فيها كالكويت وإيران. وأضاف آية الله القزويني قائلاً: لقد عاش الإمام الشيرازي مظلوماً، ومع ذلك لم يمنعه هذا من مواصلة المسيرة الرسالية بكل ثبات وجرأة والالتزام على طول الخط بالعمل الإسلامي المشروع، والتصدي للأفكار وموجات الغزو الفكري وهجوم التيارات الإلحادية والمنحرفة التي داهمت ساحة الأمة المسلمة والمؤامرات التي استهدفت شعوبها. وأشار آية الله السيد القزويني إلى المواقف المبدئية والمشرفة للإمام الشيرازي إزاء القضايا العقائدية والسياسية والوطنية للأمة الإسلامية وصراعها المصيري ضد تحالف القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية العملية المعادية للإسلام. وإلى جانب كل ذلك كانت للإمام الشيرازي مواقفه الجريئة والمشهودة ضد أنظمة الظلم والاستبداد والتسلط الدكتاتوري في سائر البلدان الإسلامية وخصوصاً في العراق وبعض الدول الاقليمية للعراق، والكثير من أهل العراق يعرفون جيداً حقيقة وأصالة هذه المواقف، ونصرته لكل المستضعفين والمظلومين أينما كانوا. وكيف ان الإمام الشيرازي قارع وجاهد أنظمة البغي والانحراف التي تسلطت على حكم العراق ولغاية رحيله عن أرض جده الإمام الحسين (عليه السلام) كربلاء المقدسة، مضطراً ومهاجراً في سبيل دينه ومذهبه وأمته، حيث واصل مسيرته العلمية والجهادية لغاية رحيله المؤلم قبل 6 سنوات، وقد فاته حلم العودة إلى أرض الوطن وكربلاء المقدسة بعد زوال نظام الطاغية المقبور صدام. هذا واختتم السيد القزويني كلمته مطالباً قادة الحكومة العراقية والمسؤولين الرسميين في محافظة كربلاء وسائر الجهات المرجعية والحزبية والعشائرية والمؤسسات العلمية والثقافية، إلى الاهتمام وصيانة قدسية ومكانة كربلاء العلمية والتاريخية والحضارية، كما كانت عليه قبل خمسون عاماً حيث مهد العلم والحوزات الدينية ومنار الفكر والأدب والجهاد. وفي الختام قدم الدكتور أحمد باهض تقي الحميدواي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتجية دراسة بهذه المناسبة تحت عنوان (الأزمة الإقتصادية العالمية الراهنة وأسبابها في ضوء طروحات الإمام الشيرازي (قدس سره) ). جاء في مقدمتها: تأتي الطروحات النظرية في المجال الإقتصادي للإمام الشيرازي الراحل منسجمة بشكل تام مع تلك الطروحات التي يقدمها لنا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فضلاً عن تلك المنطلقات الفكرية التي قدمها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) تعج بتلك النجوم الزاهرة اللامعة لتنير الدرب امام الدراسين والباحثين والموالين في كل المجالات ولما للاقتصاد من اثر بين وهام وبارز في حياة الناس فأن العلماء المتصدين لم يغفلوا هذه الناحية وأولوها الإهتمام الكافي لتكن ركيزة أساسية وركن متميز من أفكارهم ونظرياتهم في تصديهم للافكار المضادة من جهة أو في تقديمهم للحلول المناسبة لمشاكل المجتمع والاقتصاد من جهة أخرى. وأضاف: ويفرق المفكرون الاسلاميون وعلى رأسهم الإمام الشيرازي الراحل (قدس) بين الإقتصاد كتدبير لشؤون المال وبين المذهب الاقتصادي المفروض اتباعه في الحياة العامة اي ان تدبير المال علم وتوزيعه فكر لينسجم ذلك مع ما جاء به أمير في نهج البلاغة. ومن الأخطاء الجسيمة والكبرى التي وقع بها العديد من الباحثين هي الظن ان الاسلام يعتني ويتناول المذهب الاقتصادي فقط بل ان الإسلام كفكر ومنهج في الحياة فصل وتطرق وشرح الشؤون المتعلقة بالإنتاج وفنونه. وختم بحثه بالقول: عندما نستشرف أفكار الامام الشيرازي الراحل بتبشيره قبل أكثر من أربعين عاما بالأزمة الحالية كأمر واقع لا محالة فاننا حينها نستشرف كما اسلفنا الفكر الاسلامي الرائ الذي وضع السبل والمناهج والحلول لكل مشاكل الحياة. يقول الامام الشيرازي الراحل : ان النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد في الغرب يفسد المجتمع من خلال الحرية في السلوك التي جاءت في اعقاب كبت شديد من طبقة الحكام للشعوب وكبت الكنيسة التي تشددت حينها تشدداً دينياً غريباً حتى انها أحرقت الالوف من العلماء وحظرت العلم وحظرت حتى ترجمة الانجيل والتوراة. هذا واختتم المهرجمان بتقديم اللجنة المشرفة الشكر لكافة الوفود والشخصيات التي حضرت احياء هذه الذكرى الإليمة.